دع ذا وعجّل ذا وألحقنا بذل
… بالشّحم إنّا قد مللنا بجل (1)
كما تقول: أنه قدي، ثم تقول: قد كان كذا وكذا ولكنه لم يكسر اللام في قوله:
بذل ويجيء بالياء؛ لأن البناء قد تمّ، وزعم الخليل أنها مفصولة كقد وسوف ولكنها جاءت لمعنى كما يجيئان للمعاني، فلما لم تكن الألف في فعل ولا اسم كانت في الابتداء مفتوحة فرق بينهما وبين ما في الأسماء والأفعال وصارت في ألف الاستفهام إذا كانت قبلها لا تحذف شبّهت بألف أحمر؛ لأنها زائدة كما أنها زائدة وهي مفتوحة مثلها؛ لأنها لمّا كانت في الابتداء مفتوحة كرهوا أن يحذفوها فيكون لفظ الخبر والاستفهام واحدا فأرادوا أن يفصلوا ويبيّنوا ".
قال أبو سعيد: اعلم أن سيبويه ذكر في هذا الفصل إلى الموضع الذي انتهى إليه الكلام في فتح ألف الوصل التي تدخل على لام المعرفة والفعل بينها وبين سائر ألفات الوصل؛ لأن هذه مفتوحة وتلك مكسورة إلا ما استثنى من المضموم فيها فابتدأ فقال:
إنها بمنزلة قد وسوف وشبهها بقد وسوف وإنها تدخل على اسم مبهم يقع على أشياء فيتعرّف بها كقولك رجل وفرس فيكون مبهما لا يعرف به شيء بعينه. ثم تقول: الرجل، فيقع على معين وكذلك سوف تدخل على يفعل فتصيّره للمستقبل وقد كان يحتمل المستقبل والحال، وقد تدخل على فعل متوقع وتصيّر الفعل الماضي في معنى الحال وقد ذكرنا في موضعه، ثم قال: " ألا ترى أن الإنسان إذا نسي الاسم الذي فيه ألف ولام جاز أن يقف على الألف واللام ويتذكر ويجعل علامة الوقف عليه والتذكر الياء التي تزيدها فتقول ألي ثم تقول الفرس كما تقول قدي إذا نسي ما بعده، واستشهد بقوله:
" وألحقنا بذل " إلا أنه لم يزد فيه ياء للقافية. وقد كان ابن كيسان يتعلق بهذا ويجعلها ألف قطع ولكنها لما كثرت في الكلام طرحوها واستخفوا حذفها وليس سبيلها كسبيل الألف في ابن وامرئ؛ لأن الميم ليست منفصلة ولا الباء كما كانت اللام منفصلة من الاسم كانفصال قد من الفعل وفى فتحها وجوه منها أنهم أرادوا الفصل بين ألف الوصل الداخلة على الحرف وبين الداخلة على الاسم والفعل فجعلوا الداخلة على الحرف أخف في اللفظ من الداخلة على الاسم والفعل؛ لأن الحرف أضعف وأقلّ تصرفا، فاختاروا للداخل عليه أخفّ الحركات، ومن العلّة لذلك أن الألف الداخلة على لام