المؤنث على المذكر فلما كان للمذكر بحرف واحد جعل للمؤنث بنون واحدة، كقولك:
قالوا وذهبوا، فالواو علامة جمع المذكر وهي حرف واحد للمؤنث: قلن وذهبن بنون واحدة، فلما قلت للمذكر قلتمو وذهبتمو أو ضربتكمو قلت للمؤنث: ذهبتنّ وضربتكنّ.
فجعلت النون المشددة مكان الميم والواو، والثاني أنه لو لم تشدّد النون لاجتمع أربع متحركات أو خمس على ما ذكر، ثم قوّى أنه يحتاج إلى نون أخرى ساكنة كما أن النون المنفردة ما قبلها ساكن كقولك: ذهبن وانطلقن، كما تقول: ذهبت وانطلقت فيسكن ما قبل التاء.
هذا باب الإشباع في الجر والرفع وغير الإشباع والحركة كما هي" فأما الذين يشبعون فيمطّطون وعلامتها واو وياء، وهذا تحكمه لك المشافهة، وذلك قولك: يضربها ومن مأمنك. وأما الذين لا يشبعون فيختلسون اختلاسا، وذلك يضربها ومن مأمنك. ومن ثم قرأ أبو عمرو (إلى بارئكم)، وبذلك على أنها متحركة قولهم: من مأمنك فيبيّنون النون، ولو كانت ساكنة لم تحقق النون ولا يكون هذا في النصب، لأن الفتح أخف عليهم كما لم يحذفوا الألف حيث حذفوا الياءات وزنة الحركة ثابتة كما تثبت في الهمزة حيث صارت بين بين ".
قال أبو سعيد: يريد أن ما كان مضموما أو مكسورا يجوز اختلاس الضمة والكسرة، واختلاسها إضعاف الصوت بها في سرعة، وعلى ذلك يحمل أصحابنا قراءة أبي عمرو (إلى بارئكم) أنها مختلسة وليست بساكنة وكذلك ما يروى عنه في قوله تعالى و (بارئكم) و (ينصركم) و (وما يشعركم) وما أشبه ذلك يحمل ذلك كله على الاختلاس، وبعض أصحابه يحكي عنه أنه يسكنها. والذي عنه سيبويه أنها مختلسة وأنها بزنتها متحركة، كما أن الهمزة المجعولة بين هي بزنتها محقّقة.
قال: " وقد يجوز أن يسكّنوا الحرف المرفوع والمجرور في الشعر شبهوا ذلك بكسرة فخذ حين حذفوا فقالوا: فخذ وبضمة عضد حين حذفوا فقالوا: عضد لأن الرفعة ضمة والجرة كسرة، وقال الشاعر " الفرزدق:
رحت وفي رجليك ما فيهما وقد
… بدا هنك من المئزر (1)