والوجه الثاني من الترخيم: أن ترخّم الاسم، فيبقى من حروفه ما يدلّ على جملة الكلمة من غير مذهب ترخيم الاسم المنادى. وهذا أيضا من ضرورات الشعر. قال لبيد:
درس المنا بمتالع فأبان
… ... (1)
وقال علقمة بن عبدة:
كأنّ إبريقهم ظبى على شرف
… مفدّم بسبا الكتّان ملثوم (2)
أراد: بسبائب الكتان. وقال آخر:
عليّة ما عليّة ما
… عليّة أيّها الرّجل
علّيّة بالمدينة وال
… مطا مرحولة ذلل
يريد: المطايا.
ومنه أيضا:
قلنا لها قفي لنا قالت قاف
… لا تحسبي أنّا نسينا الإيجاف (3)
فاكتفى بالقاف من " وقف ". وقال آخر:
لو شئت أشرفنا كلانا فدعا
… الله جهرا ربّه فأسمعا
بالخير خيرات وإن شرّا فآ
… ولا أريد الشّرّ إلا أن تآ
وقوله: " فآ " أراد: فأصابك الشّرّ، وأطلق الهمزة بالألف؛ لأنها مفتوحة.
قال أبو زيد: فأراد فالشرّ إن أردت، فأقام الألف مقام القافية. والذي ذكرته آثر في نفس؛ لأن فيه همزة مفتوحة. والذي ذكر أبو زيد ليس فيه همزة إلا أن تقطع ألف الوصل من الشر، وفيه قبح. وقوله: " إلا أن تآ "، قال أبو زيد: أي إلا أن تشاء، فحذف الشين والألف، واكتفى بالهمزة والتاء، وأطلقها للقافية، والهمزة مكسورة من " تشائي "؛ لأن الخطاب لمؤنث، وهي مفتوحة من " تأ ". وأحب إليّ مما قاله ما قال بعضهم: " إلا أن تأبى الخير ".
وقال العجاج:
قواطنا مكة من ورق الحمى (4)