الساكنة إذا كانت وصلا، وذلك عندي على طريق الشعر، كما روي قوله:
لمّا رأيت الدهر جمّا خبلهو
… أخطل والدهر كثير خطلهو (1)
ومثله قول أبي النجم:
تنفش منه الخيل ما لا تغزلهو
وإنما الوزن: جمّا خبله، و: تنفش منه الخيل ما لا تغز له.
وسأذكر هذا في موضعه مستقصى إن شاء الله تعالى. فإذا أنشدوا على غير وجه الترنم فأهل الحجاز أجروا آخره مجرى الترنم على كل حال، ولزموا الأصل الذي يوجبه الشعر من التغني به وفرقوا بينه وبين الكلام الذي لم يوضع للغناء. وأما من أبدل مكان المدة النون من بني تميم فإنهم أرادوا إتمام الوزن فجعلوا مكان حرف المد نونا، لأن أكثر الأواخر في الكلام منوّن، فلزموا التنوين في ذلك كله، فحرسوا ولم ينقصوا منه شيئا وفصلوا بين ما يترنم به وما لا يترنم به. وأما الذين أجروه مجرى الكلام فذهبوا إلى أنه لما ترك الترنم به زال عنه المقصد الذي يقصد بالشعر الموزون فأجروه مجرى سائر الكلام واحتمل النقصان الوزن في اللفظ لزوال الترنم والغناء الذي يحتاج معه إلى التمام واستيفاء النغمة.
قال: " واعلم أن الياءات والواوات اللوائي هن لامات إذا كان ما قبلها حرف الروي فعل بها ما فعل بالياء والواو اللتين ألّحقتا للمدّ في القوافي لأنها تكون في المد بمنزلة الملحقة ويكون ما قبلها رويا كما كان ما قبل تلك رويّا، فلما ساوتها في هذه المنزلة ألحقت بها في المنزلة الأخرى وذلك قولهم:
وبعض القوم يخلق ثم لا يفر
وكذلك يغزو إذا كانت في قافية كنت حاذفها إن شئت، وهذه اللامات لا تحذف في الكلام، وما حذف منهن في الكلام فهو ها هنا أجدر أن يحذف إذ كنت تحذف ما لا يحذف في الكلام ".
قال أبو سعيد: يريد أن الياء الأصلية يجوز أن تقع وصلا في القافية المجرورة فتجري مجرى الياء الزائدة التي تتبع الكسرة، فإذا جرت مجراها جاز أن تسقط في الوقف كما تسقط الزائدة، لأن القافية واحدة، وذلك قوله:
لعب الرياح بها وغيّرها
… بعدي سوافي المور والقطري