همزة إياك فقالوا هياك، قال الشاعر:
فهياك والأمر إن توسّعت
… موارده ضاقت عليك مصادره
وقالوا: هأنت في معنى أأنت، فأبدلوا من ألف الاستفهام، قال الشاعر:
وأتي صواحبها فقلن هذا الذي
… منح المودة غيرنا وجفانا
أراد إذا الذي، وهذا البدل غير مطرد وإنما يسمع ويتبع.
قال: " وأبدلت الهاء أيضا من الياء في قولهم هذه ".
اعلم أن الأصل في هذه هذي، ها للتنبيه وذي اسم المؤنث المشار إليه، كما أن ها في هذا للتنبيه وذا اسم المذكر المشار إليه، فإن قيل: وما الدليل على أن الهاء في هذه بدل من الياء في هذي دون أن تكون الياء في هذي بدلا من الهاء في هذه وأن الأصل الهاء؟
قيل له: الدليل على أن الأصل الياء أنا قد رأينا الياء للتأنيث في بعض المواضع، وهي الياء في تذهبين ولن تقومي وما أشبه ذلك من فعل الأمر، ولم نر الهاء للتأنيث في حال من الأحوال، والذي ذكرناه من شجرة وتمرة الأصل في الهاء التاء على ما ذكرناه، فجعلنا الأصل في هذه الياء. وفي هذه لغات سنقف عليها.
وقال عقيب ذكر إبدال الهاء من الياء في هذه: " وذلك في كلامهم قليل كما أن تبيين الحركة بالألف في كلامهم قليل، إنما جاء في أنا وحيهلا ".
يعني أن إبدال الهاء من الياء في القلة نظير تبيين الحركة بالألف في القلة، وذلك أن الحركة إنما تبين بالهاء على ما ذكرنا في كتابيه وحسابيه، وجاء في أنا تبيين النون بالألف في الوقف، ومن العرب من يقول أنه على ما يوجبه قياس بابه، وكذلك حركة اللام في حيهل تبين بالألف، ومنهم من يبينها بالهاء فيقول: حيهلة، ودخلت الهاء على الهمزة في البدل الذي ذكرنا لتقارب مخرجيهما، وكذلك دخلت الألف على الهاء في الوقف لتقارب المخرجين. وذكر بدل الياء فقال تبدل من الواو فاء وعينا.
فبدلها فاء قولهم: ميزان، والأصل موزان، والواو فاء للفصل، ووزنه مفعال لأنه من وزنت، وبدلها عينا قولك: قيل وسيقا، والأصل فيه قول مثل قتل وضرب، فألقيت حركة الواو لاعتلالها على ما قبلها فسكنت الواو وانكسر ما قبلها فصار قول فقلبت ياء.
وفي الجملة كل واو سكنت بمعنى يوجب سكونها فانكسر ما قبلها وجب قلبها ياء استثقالا لواو ساكنة بعد كسرة.