ومن ذلك: حذف الضمّة والكسرة في الإعراب: كقولهم: " قام الرّجل إليّك "، وذهبت جاريتك و " أنا أذهب إليه ". وكان سيبويه يجيز هذا، وأنشد فيه أبياتا، وأنشد غيره أيضا ممن يوافقه على هذا الرأي؛ فمما أنشد سيبويه في ذلك قول امرئ القيس:
فاليوم أشرب غير مستحقب
… إثما من الله ولا واغل (1)
فسكّن الباء من " أشرب ". والوجه أن يقول: " أشرب " بالرفع.
وقال أبو نخيلة:
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم
… بالدّوّ أمثال السّفين العوّم (2)
ولم يقل: " صاحب "، ولا " صاحب "، وهما الوجه.
وقال:
وأنت لو باكر مشمولة
… صهباء مثل الفرس الأشقر
رحت وفي رجليك ما فيهما
… وقد بدا هنك من المئزر (3)
وقال: " هنك " وسكّن النون.
وقال لبيد:
ترّاك أمكنة إذا لم أرضها
… أو يرتبط بعض النّفوس حمامها (4)
وقال جرير:
ما للفرزدق من عزّ يلوذ به
… إلا بنو العمّ في أيديهم الكرب
سيروا بني العّمّ فالأهواز منزلكم
… ونهر تيري فما تعرفكم العرب (5)
والوجه: " فما تعرفكم ".
قال سيبويه: " شبهوا هذه الضّمّات والكسرات المحذوفة بالضمة من عضد، والكسرة من فخذ، حين قالوا: عضد وفخذ، غير أن حذفها من عضد وفخذ حسن مطّرد في الشّعر والكلام جميعا؛ من قبل أنّه لا يزيل معنى ولا يغيّر إعرابا، وفيما