فأما ما يدغم من الأسماء الثلاثية حملا على الأفعال فبناءان وهما فعل وفعل لو بنيت من رددت فعل لقلت ردّ وكذلك فعل تقول فيه رد وأصله ردد وردد ولكنك أدغمت في الفعل حين قلت عضّ وبضّ وأصل عضض وبضض وأما ما لا يحمل على الفعل ففعل من الاسم نحو: عدد وقصص يدغم نحو هذا في الفعل كقول القائل: عدّو وقصّ وأصله عدد وقصص، ولكنهم استثقلوا التضعيف في الفعل؛ لأن الفعل ثقيل والتضعيف ثقيل.
وأما الاسم فهو أخف والفتحة خفيفة فاستخف في الاسم الإظهار لخفة الاسم وخفة الفتحة؛ فقالوا: قصص وعدد ومع الاستخفاف فإن الاسم الذي على فعل لو أدغمنا فقلنا في قصص قصّ وفي شرر شرّ لكان لا يعرف فعل من فعل، وأما الفعل فإن فعل المتكلم والمخاطب وجمع المؤنث يدل على البناء كقولك في قصّ وردّ قصصت وجررت ورددت فإن قال قائل: فلم أعلوا ما كان على فعل مما ثانيه واو أو ياء من الأسماء ولم تدغم فعل؟ قيل له: لأن فعل من ذوات الواو والياء إذا أعللناه قلبنا الواو والياء فيه ألفا فدل على البناء وإذا كان مدغما لم يدل على البناء، وأما صبّ فيحتمل لفظه أن يكون فعلا وفعلا وفعلا غير أن الخليل استدل على أنه فعل بالحمل على نظائره وذلك أن فعل أكثر ما يجيء فاعله في فعل كقولك: حذر فهو حذر ورمد فهو رمد فلما قالوا:
صببت، وأنت صبّ قد وصب تقدير صبب ومثله رجل طب وطبيب؛ لأنك تقول:
طببت وطب بمنزلة قرح وقريح، ومذل ومذيل.
قال: " ويدلك على أن فعل مدغم أنك لم تجد في الكلام مثل طب على أصله " يعني أنا لم نرهم قالوا: طبب فيقول: أن طبب هو فعل لو كانوا يقولون طبب وطب لجاز أن يقال أن فعل لا يجب فيه الإدغام قال: وكذلك رجل خاف وكذلك فعل اجري هذا مجرى الثلاثة من باب.
قلت: على الفعل حيث قالوا في فعل وفعل قال: وخاف ولم يفرقوا بين هذا والفعل كما فرقوا بينهما في أفعل لأنهما على الأصل فجعلوا أمرهما واحدا حيث لم يجاوزوا الأصل، وإنما جاء التفريق حيث جاوزوا عدد الأصل فكما لم يحدث عدد غير ذلك فكذلك لم يحدث خلاف ألا ترى أنهم أجروا فعل اسما من التضعيف على الأصل، وألزموه ذلك إذ كانوا يجرونه على الأصل فيما لا يصح فعله في فعلت من بنات الواو ولا في موضع جزم كما يصح المضاعف وذلك نحو: الحركة والخونة، والقود وذلك نحو:
شرر ومرد.
أما قوله: " وكذلك رجل خاف " يعني أن " رجل خاف " أصله خوف، ولكنه أعل