وأما قوله عز وجل: فَلا تَتَناجَوْا فإن شئت أدغمت التاء الأولى؛ لأن قبلها حرف مد، وهو الألف التي في فلا.
وزعموا أن أهل مكة لا يبينون التاءين.
قال أبو سعيد- رحمه الله-: يريد أنهم يقولون ولا تناجوا وأنا أذكر ذلك مستقصيا في باب أفردته لإدغام القراء إن شاء الله.
قال: وتقول: هذا ثوب بكر فالبيان في هذا حسن منه في الألف؛ لأن حركة ما قبل واو ثوب ليست منه فتكون بمنزلة الألف، وكذلك جيب بكر ألا ترى أنك تقول:
اخشووا قدا وأخشى ياسرا فتجريه مجرى غير الواو والياء.
قال أبو سعيد: اعلم أن الياء والواو إذا كانتا ساكنتين وانفتح ما قبلهما ففيهما مد دون المد الذي تكون فيهما إذا انضم ما قبل الواو، وانكسر ما قبل الياء وذلك أن الألف التي هي أوسع حروف المد واللين مخرجا وأبلغهما مدى لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا والفتحة من الألف؛ فإذا كان قبل الواو والساكنة ضمة وقبل الياء كسرة فهما على منهاج الألف فلذلك يستحسن الإدغام في قولك: هذا كوب بكر، وجيب بكر، كما يستحسن المال لك، ولم يكن ثوب بكر وجيب بكر كذلك.
واحتج سيبويه بأن المفتوح ما قبله من الواوات والياءات ليس كالمضموم ما قبله من الواوات والمكسور ما قبله من الياءات بأنك تقول: اخشووا وقد فتدغم واخشوا في واو وقد وكذلك تدغم ياء أخشى ياسرا وذلك لنقصان المد من أجل الفتحة.
قال الله تعالى: تَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ بإدغام الواو من تولوا في واو واستغنى الله المفتحة.
وقال الله تعالى: قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ فلم تدغم الواو من قالوا في واو اقبلوا وعلى هذا تقول: وأكرمي ياسرا؛ فلا تدغم.
قال سيبويه: ولا يجوز في القوافي المحذوفة وذلك أن كل شعر حذفت من أتم بنائه حرفا متحركا أو وزنه حرف متحرك؛ فلابد من حرف الردف وأنشد:
وما كل ذي لبّ بمؤتيك نصحه
… وما كل موت نصحه بلبيب
لم يجز سيبويه في الضرب الثالث من الطويل، وما جرى مجراه مما يلزمه الردف على ظاهر هذا الكلام أن يكون ردفه واوا مفتوحا ما قبلها، أو ياء مفتوحا ما قبلها.
وقد ذكرنا لزوم الردف لهذا النحو فيما مضى ثم قال: وإن شئت أدغمت؛ لأن