الأولى لما ذهب المد فيها بمنزلة الياء في ظبيا.
وعندي أن قائلا: لو قال أن ذلك لا يجوز لأن فيه مدا أما لم يكن بعيدا، والدليل على ذلك أنا رأينا القوافي المبنية على الياء المشددة لا يأتي فيها غير الياء المشددة كقول العجاج:
بكيت والمختزن البكي
… وإنما أتي الصبي الصبي
إلى آخر القصيدة قد لزم فيها الياء المشددة، وقال أبو الأسود الدؤلي:
يقولون الأرذلون بنو قشير
… طوال الدهر لا تنسى عليّا
فقلت لهم، وكيف يكون تركي
… من الأعمال ما يقضي عليّا
أحب محمدا حبا شديدا
… وعباسا وحمزة والوصيّا
بنو عم النبي وأقربوه
… أحب الناس كلهم إليّا
فإن يك حبهم رشدا أصبه
… ولست بمخطئ إن كان غيّا
إلى آخر القصيدة.
وقد ذكر سيبويه في فصل بعد هذا أن الياء المدغمة فيها لين وذلك قوله في الجيم لا تدغم في الياء وفي الميم لا تدغم في الواو؛ لأنك تدخل اللين فيما لا يكون فيه لين نحو:
اخرج ياسرا لم يجز ادغام الجيم من إخراج في الياء من ياسر فيقال: أخر ياسرا لأنك تدخل الجيم لينا إذا أدغمته في ياسرا وإنما يصير الجيم الياء المدغمة؛ فعلم أن الياء، وإن أدغمت فيه لين.
قال سيبويه: وإذا كانت الواو قبلها ضمة والياء قبلها كسرة؛ فإنها لا تدغم إذا كان بعدها مثلها سواء، وذلك قولك: ظلموا واقد والظمي ياسرا ويعلو واقد ويقضي ياسر.
وإنما تركوا المد على حاله في الانفصال كما قالوا قوول حيث لم تلزم الواو واردوا أن يكون على مثال فأول؛
فكذلك هذه لما لم تكن الواو لازمة لها أرادوا أن يكون ظلموا على زنة ظلما واقد وقضى ياسرا ولم تقو هذه الواو عليها كما لم يقو المنفصلان على تحريم الساكن في قولك اسم موسى.
وإذا قلت: وأنت تأمر أتخشى ياسرا واخشوا واقد أدغمت لأنهما ليسا في المد كالألف، وإنما هو كقولك أحمد داود واذهب بناء فهذا لا تصل فيه إلا إلى الإدغام.
قال أبو سعيد- رحمه الله- الواو إذا انضم ما قبلها وسكنت فقد تكامل مدها