من الدال يريد أن اللام وإن لم تكن من مخرج الراء فليس حرف أقرب إليها من الراء فصارا بمنزلة الحرفين اللذين من مخرج واحد، وإنما تصير الدال أقرب إلى الطاء من التاء وهما من مخرج واحد؛ لأن التاء مهموسة والطاء والدال مجهوران؛ فالدال أشبه بالطاء من التاء.
وقوله: «إن لم تدغم» فقلت: هل رأيت فهي لغة أهل الحجاز وقد تقدم أن غير لام المعرفة قد يجوز ترك الإدغام فيه.
قال: وهي مع الطاء والتاء والدال والضاد والسين والزاي جائزة، وليس ككثرتها مع الراء؛ لأنهن تراخين عنها وهي من الثنايا وليس فيهن انحراف أراد وإدغاما للام في هذه الحروف الستة جائز وهي التي تلي الراء في حسن إدغام اللام فيها إذا لم تكن لام التعريف وليس جواز الإدغام فيها لكثرتها مع الراء؛ لأن الراء من مخرجها، وفيها انحراف مثل ما فيها وهذه الحروف تراخين عنها ومخرجها من الثنايا وليس فيهن انحراف كما فيها وفي الراء، ثم ذكر وجه جواز إدغامها مع هذه الحروف فقال: وجواز الإدغام على أن آخر مخرج اللام قريب من مخرجهن وهي حروف طرف اللسان، واللام كذلك؛ فالذي جوز إدغامها في التاء والذال والظاء وليس كحسن إدغامها مع هذه الحروف الستة؛ لأنهن من أطراف الثنايا، وقاربن مخرج الفاء.
قال: وإنما جعل الإدغام في الثاء وأخواتها أضعف يعني بأخواتها الظاء والذال وفي الطاء وأخواتها أقوى؛ لأن اللام لم تسفل إلى أطراف الأسنان، كما لم تفعل ذلك الطاء وأخواتها.
قال أبو سعيد: مخرج اللام إذا اعتبرت ذلك في الوقف عليها على اعتدال إخراجها من طرف اللسان ملصقا بما فوق أصول إحدى الرباعيتين وإحدى الثنيتين العاليتين غير نازلة إلى الثنايا والرباعيات، ولو تكلف إنسان إخراجها نازلا إلى نفس الثنايا والرباعيات أو منحرفا إلى الناب أمكن.
والطاء والدال والتاء من طرف اللسان، وأصول الثنايا العلى.
والظاء والذال والثاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا؛ فعلم أن اللام أقرب إلى الطاء وأختيها؛ لأنهن اشتركن من
تقوية إدغام اللام في الطاء وأختيها.
وقد سوى سيبويه بين الطاء والدال والتاء وبين الصاد والسين والزاي والصاد وأختاها أسفل من الطاء وأختيها، والصاد وأختاها أبعد من الطاء وأختيها؛ فكان ينبغي أن يكون الإدغام في الصاد أضعف.