يبقى في الميم مع انضمام الشفتين.
وذكر أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب عن الفراء قال: إنما يعلم ما تناسب من الحروف باللغة أن يبدل الحرف من أخيه ويكون مع أخيه في قافية واحدة مثل مدح ومده والنون والميم في قافية والعين والهمزة مثل استأديت واستعديت وهذا كثير يبدل الحرف من أخيه فيدغم فيه إذا قرب ذا القرب.
فقال الفراء: الهمزة والعين والحاء والهاء أخوات، وذلك أنهن متقاربات في المخارج إذا امتحنت ذلك وجدته.
وقال أحمد بن يحيى بعد كلام الفراء: وقد ذكر إدغام الهاء في الحاء والحاء في الهاء؛ فقال: وقد قلنا أن اللغة قد أوجبت إدغام كل واحد منهما في صاحبه إذ وجب أن يقوم كل واحد منهما مقام صاحبه في قولهم: المدح والمده وهذا القياس وكذلك جعل الهمزة والعين متداخلتين من حيز واحد لإبدال أحدهما من الآخر في قولهم: استعديت واستأديت وهذا كله خطأ فاحش في باب الإدغام؛ لأنه يلزم قائله إذا اعتبر الإدغام بالقلب والإبدال في بعض المواضع أن يدغم الهمزة في العين والعين في الهمزة من حيث قالوا: استأديت واستعديت، وهذا لا يقوله أحد، ويلزمه أيضا أن يدغم الهاء في الهمزة والهمزة في العين من حيث قالوا: إياك وهياك وهيهات وايهات فيقول في
أجبه أحمد أجبا أحمد، وفي اقرأ هذا قر هذا وذا مستشفع لا يقوله أحد، وكذلك تدغم الياء في الهمزة والهمزة في الياء من حيث قالوا: يلمعي والمعي إذا كان طريقا ويرقان وارقان ويلندد والندد ومعناه شديد الخصومة وطير يناديد متفرقة وكذلك إدغام الجيم في الحاء والحاء في الجيم من حيث قالوا:
تركت فلانا يجوس بني فلان يعني يدوسهم ويطلب فيهم وكذلك يحوسهم بهذا المعنى وأحم الأمر وأجم إذا حان وقته؛ فيقال في الإدغام في قولنا: أخرج حاتما أخر حاتما وفي اذبح جذعا اذبحذعا وهذا مستشنع منكر لا يقوله أحد.
وكذلك إدغام الثاء في الفاء والفاء في الثاء؛ لأنهم قالوا: جدت وجدف والدفي والدثي وغير ذلك مما يطول شرحه، وليس أحد يدغم بعض ما ذكرناه في بعض والنون تدغم في الراء ليس بين الناس في ذلك خلاف ولا تدغم الراء في النون عند الفراء ولا غيره؛ فيقال للمحتج عند اليس ألنون إذا ادغمت في الراء فإنما تدغم فيها لما بينهما من المؤاخاة لاجتماعهما في قافية أو بدل أحداهما من الأخرى ما ذكرناه عنه من صفة الحروف التي يدغم بعضها في بعض؟ فإذا قال: نعم قيل له؛ فبهذا المعنى أجز ادغام الراء في النون لأن الاتفاق بينهما قائم وقد ناقض فيه والصحيح ما قاله سيبويه من أن الراء فيها