اتلع واتلم بأتزن، وهو افتعل فكان قائلا قال: فقد قالوا ما ترك جهدا وهو افتعل فلم لم يطلب الفرق من اطلع وبين اترك فقال: إنما طلبوا الفرق في افتعل بين حيزين وقع في كل واحد منهما قبل تاء افتعل حرف غير التاء؛ لأن باب اتزن وايأس يقع قبل تاء الافتعال واوا وياء وباب اطلع واظلم وقع قبل تاء الافتعال ظاء أو طاء ففصل بينهما وباب اترك إنما وقعت فيه تاء ساكنة قبل تاء افتعل فأدغمت ضرورة لأنها ساكنة قبل تاء افتعل، ولم يبين الفراء لم صار باب اتزن واتأس أولى بالياء من باب اطلع واظلم.
وقد ذكرنا في تفسير كلام سيبويه في ذلك ما يكتفي به إن شاء الله.
قال الفراء: ومما يدل على أنهم أرادوا الإدغام في التاء وأخواتها، ثم انثنوا عنه للفرق أنهم قالوا مذكر فقلبوا الأول لما كرهوا الإدغام الأول في الثاني واحتمالهم أن يدخل المتحرك في الساكن دليل على أنهم أرادوا الإدغام في التاء فلما فاتهم ردوا الثاني إلى ما كان يدغم فيه.
قال أبو سعيد- رحمه الله- استدل الفراء على أن العرب أرادوا الإدغام في التاء في باب افتعل الذي فاؤه طاء أو ظاء أو ضاد أو زاي أو دال ثم أنثنوا عنه، وتركوه للفرق بينه وبين باب اتزن واتأس والأمر على خلاف ما قاله؛ لأنه اعتبر الفرق بين بابين مجملا ولم يعتبر خواص الحروف في أنفسها وأحكام إدغامها والإدغام فيها.
وإنما ينبغي أن يعتبر أحكام الحروف في ذلك والدليل على ذلك أنا رأينا افتعل من غير باب اتزن واتأس الذي فاء
الفعل فيه واو أو باء وغير باب اتجر واترك الذي فاء الفعل فيه تاء قد جاء مختلفا في الإدغام حسب ما يوجب حكم الإدغام في الحروف كقولنا:
اصطبر واصطلح يجوز أن تقلب الطاء صادا وتدغم الصاد في الصاد فتقول: اصبر واصلح ولا يجوز أن تدغم الصاد في الطاء فتقول: اطبر واطح وتقول فيما فاؤه ظاء إذا بني على افتعل نحو: افتعل من الظلم ومن الظن تقول: اظطلم واظطن وإن شئت قلت: اطلم، واطن، فتقلب الظاء طاء، ويجوز اظلم واظن، فتقلب الطاء ظاء ومثل هذا اذكر وادكر لأن كل واحد من الظاء والطاء يدغم في صاحبه، وكذلك كل واحد من الدال والذال يدغم في صاحبه.
ولو قلت: ازدرع جاز أن تقول فيه ازرع، ولا تقول فيه: ادرع؛ لأن الزاي لا تدغم في الدال كما لا تدغم الصاد والضاد في الطاء، وتدغم الدال في الزاي والطاء في الصاد والضاد، وقالوا في افتعل من الثريد انثرد وقالوا: ترد واترد؛ لأن كل واحد من الثاء والتاء يدغم في صاحبه، ولم يسقطوا أثرد لمشابهة باب اتزن فاعرف ذلك إن شاء الله.