عَنِ النَّارِ.
قال: وكان أبو عمرو لا يرى ذلك، وهذا أصح وقد ذكرنا من مذهب سيبويه أن الحاء لا تدغم في العين، والغين تدغم في الحاء واحتججنا له في موضعه بما يستغنى عن إعادته.
وأما الخاء والغين وهما من مخرج واحد، وكل واحدة منهما لا تدغم إلا في مثلها وفي الأخرى، ولم أر أحدا ذكر إدغام واحدة منهما في مثلها، وفي الأخرى في القرآن إلا في قوله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ فإن أبا عمرو أدغمه فيه.
وأما الدال فسبيلها سبيل التاء، وقد أدغمها أبو عمرو في عشرة أحرف أدغمها في التاء كقوله قَدْ تَبَيَّنَ، * وهي أقرب الحروف منها وفي الدال كقوله عز وجل وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ والْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ، ولم يدغمها في فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ لأنه يشم الحركة فيصير مخفيا لحركة الدال ولا يقدر على الإشمام.
وزعم اليزيدي أنه كان يدغم وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها.
وفصل بين هذا وبين بَعْدَ ذلِكَ؛ لأن التاء من مخرج الداء وهي أقرب الحروف والذال أبعد منها، وقد جمع بين ساكنين، وليس فيه إشمام؛ لأنه نصب وسيبويه لا يرى ذلك للجمع بين الساكنين والفراء يجيز ذلك.
وقد ذكرنا قوله فيما مضى، وكان يدغم الدال في الشين كقوله وَشَهِدَ شاهِدٌ * وقَدْ شَغَفَها حُبًّا ويدغمها في السين كقوله يَكادُ سَنا بَرْقِهِ وعَدَدَ سِنِينَ وفي الزاي كقوله يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ.
وكان يدغمها في الظاء كقوله لَقَدْ ظَلَمَكَ، وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً، * ولا يدغم لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ. والكلام فيه كالكلام في بعد ذلك وفي الثاء كقوله ثَوابَ الدُّنْيا *.
وفي الجيم كقوله لَقَدْ جاءَكُمْ، * ولَقَدْ جِئْناكُمْ وقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ. وفي الضاد في قوله قَدْ ضَلُّوا * ولَقَدْ ضَرَبْنا * وأدغم مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ، * ومِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ؛ لأنه خفض ويشم الكسرة فيجري مجرى الذي ليس بمدغم، ولا يدغم في قوله:
نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ لأن فتحة الدال لا يتهيأ إشمامها؛ لأن الضم والكسر يشم والفتح لا يمكن فيه ذلك.
وفي الصاد كقوله وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ وَلَقَدْ صَرَّفْنا * وفِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ويشم الدال فيها الكسرة فهذه عشرة أحرف تدغم الدال فيها، وقد ذكر إدغام التاء في أحد