وقد مضى الكلام على ذلك فيما حكاه من مذهب الفراء وقد اختلف النحويون في إدغام الراء في اللام فقال سيبويه، وأصحابه لا تدغم الراء في اللام ولا في النون، وإن كانتا مقارنتين لها لما في الراء من التكرير ولتكريرها تشبه بحرفين ولا أعلم أحدا من النحويين البصريين بعده خالفه إلا ما روي عن يعقوب الحضرمي.
وقد ذكرته وحكى أبو بكر بن مجاهد رحمه الله عن أبي عمرو بن العلاء أنه يدغم الراء في اللام ساكنة كانت الراء أو متحركة فالساكنة قوله عز وجل فَاغْفِرْ لَنا * واسْتَغْفِرْ لَهُمْ * ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، * وما كان مثله، والمتحركة قوله سَخَّرَ لَكُمُ * إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا، هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ، أو ما كان مثله؛ فإن سكن ما قبل الراء أدغمها في اللام في موضع الضم والكسر كقوله حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ ولا يدغم في النصب كقوله مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ ووَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ وسَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا.
قال أبو سعيد- رحمه الله-: وقد ذكرت الفصل بين المنصوب وبين المرفوع والمجرور قبيل هذا الموضع، وكان
الفراء يجيز إدغام الراء في اللام، ويرويه.
وروى أبو بكر بن مجاهد عن أحمد بن يحيى ثعلب عن أصحابه عن الفراء أنه قال:
كان أبو عمرو يروي عن العرب إدغام الراء في اللام، وقد أجازه الكسائي أيضا ومما يحتج به لأبي عمرو وغيره ممن أدغم الراء في اللام أن الراء إذا أدغمت في اللام صارت لاما ولفظ اللام أسهل وأخف من أن يأتي براء فتكرير وبعدها لام هي مقاربة للراء فيصير كالنطق بثلاثة أحرف من مخرج واحد فطلب التخفيف بذلك.
وقد روى أبو بكر بن مجاهد بإسناد ذكره عن يعقوب الحضرمي أنه كان يدغم الراء في اللام في قوله يَغْفِرْ لَكُمْ * وما أشبهه.
قال أبو بكر ولم يقرأ بذلك أحد علمناه بعد أبي عمرو وسواه، ولم تدغم في شيء سوى اللام وقد أدغمت اللام والنون فيها، وجواز ذلك بإجماع وستراه في موضع اللام والنون إن شاء الله.
وأما الزاي فما أعلمها أدغمت في شيء من حروف القرآن، وقد أدغم فيها من الحروف ما يذكر في موضعه إن شاء الله.
وأما السين فإن أبا عمرو كان يدغمها في مثلها كقوله وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً وهذا جمع بين ساكنين وليس قبله حرف لين، وقد تكلمنا على نحوه وأدغمها في جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً.