تلقح السحاب، وتدرّ الأمطار، والصّبا تلقح الأشجار وتنمّها، والدّبور تثير العجاج، والشّمال تطيب النّسيم وتبرد المياه. فالخير إنما هو في الجنوب والصّبا، فنفى حظّه منهما.
وقال بعضهم: المطر يكون بالجنوب والصّبا وهو الخير، فنفى حظه منها. والدليل على ذلك قول بشير بن النّكث الكلبي:
الله أسقاك غزيرا بؤقه
… جاءت به ريح الصّبا تصفّقه
وأنشد سيبويه للمرار بن سلامة العجلي:
ولا ينطق الفحشاء من كان منهم
… إذا جلسوا منا ولا من سوائنا
وكان ينبغي ألا يدخل " من " على سواء؛ لأنها لا تستعمل إلا ظرفا، ولكنه جعلها بمنزلة " غير " في إدخال " من " عليها.
وكذلك قول الأعشى:
... … وما قصدت من أهلها لسوائكا (1)
و" سواء " و " سوى " معناهما واحد، فإذا فتحت السين مددت، وإذا كسرتها قصرت.
وأنشد سيبويه لخطام المجاشعي:
وصاليات ككما يؤثفين
جعل الكاف الثانية بمنزلة " مثل " وأدخل عليها الكاف الأولى.
وأما قوله: " يؤثفين " أي يجعلن أثافيّ.
وقد اختلف النحويون في وزن " يؤثفين " فقال قائلون: إنه يؤفعلن، والهمزة زائدة، والثاء فاء الفعل، وكان ينبغي أن يقول: " يثفين " كما تقول: " يبلين " و " يرضين " غير أنه ردّ الهمزة الزائدة، التي هي في الماضي للضرورة، كما يضطر الشاعر فيقول: " يؤكرم " مثل قوله:
فإنه أهل لأن يؤكرما (2)
ومن قال هذا، قال: " أثفيّة " وزنها أفعولّة، ويستدلّ على ذلك بقول العرب: ثفيت القدر: إذا جعلتها على الأثافي.