وقد ذكرنا ذلك.
وأما قوله: " سمّيته بفلان كما تقول: عرّفته بهذه العلامة "، فإن " عرّفته " على ضربين: فإن أردت شهرته حتى عرف به، فإنه يجري مجرى التسمية؛ لأنك إذا شهرته بشيء فعرف به فهو بمنزلة تسميتك له بالاسم الذي يعرف به.
والوجه الآخر: أن يكون " عرّفته " بمعنى أعلمته أمرا كان يجهله، وتقول في الوجه الأول: " عرّفت أخاك بزيد "، كما تقول: " عرّفت أخاك بالعمامة السّوداء " إذا جعلتها علامة له يعرفه غيره بها. وتقول على الوجه الثاني " عرّفت أخاك زيدا ". إذا أعلمته إياه، ولم يكن عارفا به من قبل، وهذا من القسم الأول؛ لأن الأصل: " عرف أخوك زيدا "، كما تقول: " أخذ زيدا "، كما تقول: " أخذ زيد درهما "، وقولك: " عرّفت أخاك بزيد " وإن جرى مجرى: " سمّيت أخاك بزيد " فلا يجوز حذف حرف الجرّ منه، كما جاز في " سمّيت ": لئلا يلتبس بالوجه الآخر من وجهي " عرّفت " وليس " لسمّيت " إلا طريقة واحدة.
قال سيبويه: " ومثل ذلك قول المتلمس "
آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه
… والحبّ يأكله في القرية السّوس (1)
يريد: على حب العراق. وإنما هذا شاهد لجواز حذف حرف الجرّ، لا للذي يتضمنه الباب من تعدّى الفعل إلى مفعولين، وهو متصل بقوله: " فلما حذفوا حرف الجر عمل الفعل "، كما عمل " آليت " في " حبّ " لما حذفت " على ". وقال بعض النحويين:
" الحبّ منصوب بإضمار فعل كأنه قال: آليت أطعم حبّ العراق الدهر أطعمه، ومعناه:
لا أطعم حبّ العراق لا أطعمه؛ لأن " آليت " بمعنى حلفت، وجواب اليمين إذا كان فعلا منفيّا، جاز حذف النفي، كما قال تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ (2) يريد: والله لا تفتأ تذكر يوسف.
وقال سيبويه مستشهدا لجواز حذف حرف الجر: " كما قال نبّئت زيدا يريد: عن