يعني: لو كانت الباء في قولك: " ظننت بزيد " زائدة، لاحتجت إلى مفعول آخر؛ لأنك لو قلت: " ظننت زيدا " لاحتجت إلى مفعول آخر، والباء في " كفى بالله " زائدة، لأنّ معناه: كفى الله.
ثم قال: " فكأنك قلت: ظننت في الدار، وشككت فيه ".
يعني أنك إذا قلت " ظننت بزيد "، فهو كقولك: ظننت في الدار، وشككت في زيد.
وقد بيّنا هذا فاعرفه.
هذا باب الفاعل الذي يتعدّى فعله إلى ثلاثة مفعولينقال سيبويه: " لا يجوز أن يقتصر على مفعول واحد دون الثلاثة؛ لأن المفعول الأول هاهنا كالفاعل في الباب الذي
قبله في المعنى، وذلك قولك: أرى زيدا بشرا خير الناس، ونبّأت زيدا عمرا أبا فلان، وأعلم الله زيدا عمرا خيرا منك ".
قال أبو سعيد: اعلم أن هذا الباب منقول من الباب الذي قبله، وذلك أن الباب الذي قبله كان متعديا إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على أحدهما، فنقلت الفعل عن الفاعل إلى من أدخله في فعله، فصار الفاعل مفعولا، واجتمع ثلاثة مفعولين، وصار المدخل له في الفعل هو الفاعل، وذلك أنك إذا قلت: " علم زيد عمرا منطلقا "، فيجوز أن يكون أعلمه معلم، فإذا ذكرت ذلك المعلم، صيّرت زيدا مفعولا له، فقلت: " أعلم بكر زيدا عمرا منطلقا ".
وهذا الباب يشتمل على ثلاثة أضرب: ضرب منها كان متعديا إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على أحدهما من السبعة الأفعال التي قدمنا ذكرها في الباب الذي قبل هذا، وهي ظننت وأخواتها، وهذا الضرب في فعلين من تلك الأفعال فقط، وذلك أرى وأعلم منقولان من رأى وعلم. وكان الأخفش يقيس عليها الجميع، فيقول: " ظنّ زيد عمرا أخاك منطلقا "، " وأزعمته ذاك إيّاه "، وكذلك يعمل في الأفعال السبعة، وغيره لم يجاوز ما قالت العرب.
والضرب الثالث: ما يكون متعديا إلى مفعول أو مفعولين، ثم يتعدى إلى الظرف ويجعل الظرف مفعولا على سعة الكلام، فيقال فيما يتعدى إلى مفعول: " سرق زيد عبد الله الثّوب اللّيلة "، فعبد الله هو المفعول الأول، وقد سقط منه حرف الجر، والثوب هو المفعول الصحيح، والليلة ظرف جعلته مفعولا على السعة، و " أعطيت عبد الله ثوبا