قولك: " يا مضروب اللّيلة " قد كانت مفعولة على سعة الكلام، وأضيف إليها " مضروب " كما يضاف الفاعل إلى المفعول في قولك: " ضارب زيد " و " مكسوّ ثوب " و " معطى درهم " بمنزلة " ضارب زيد "؛ لأن هذا مفعول صيغ له الفعل، ثم أضيف إلى مفعوله، كما أن " ضاربا " فاعل صيغ له الفعل، وأضيف إلى مفعوله.
ومن تمثيله أيضا: " أقعد عبد الله المقعد الكريم "، المقعد ظرف من ظروف المكان.
ثم قال: " فجميع ما تعدّى إليه فعل الفاعل الذي لا يتعدّاه فعله إلى مفعوله، يتعدى إليه فعل المفعول، الذي لا يتعدّاه فعله إلى مفعول "، يعني: الظرفين، والحال، والمصدر. وقد بينا ذلك.
ثم قال: " واعلم أن المفعول الذي لم يتعدّ إليه فعل فاعل في التعدّي والاقتصار، بمنزلته إذا تعدّى إليه فعل الفاعل، لأن معناه متعدّيا إليه فعل الفاعل. وغير متعدّ إليه فعله سواء ".
يريد: أن المفعول الذي لم يسمّ فاعله، وهو الذي لم يتعد إليه فعل الفاعل، إذا كان يجوز الاقتصار عليه في حال تسمية الفاعل، جاز الاقتصار عليه، وإن لم يسمّ الفاعل، وإن كان لا يجوز الاقتصار عليه في حال تسمية الفاعل، لم يجز الاقتصار عليه في حال ما لم يسمّ فاعله، وذلك أنّك تقول: " ضرب عمرو زيدا "، فتقتصر على " زيد " ولا تأتي بظرف ولا مصدر ولا غير ذلك، و " كسى زيد عمرا " فيجوز الاكتفاء به، فإذا نقلته إلى ما لم يسمّ فاعله، قلت: " كسي عمرو " و " ضرب زيد "، فلا يحتاج إلى غيره. ولو قلت " ظنّ زيد عمرا منطلقا "، ثم نقلته إلى ما لم يسمّ فاعله قلت: " ظنّ عمرو منطلقا " ولم يجز: " ظنّ عمرو " وتسكت، كما لم يجز أن تقول: " ظنّ زيد عمرا " وتسكت.
ونقل الفعل إلى ما لم يسمّ فاعله، لا يجلب للفعل مفعولا لم يكن له في حال تسمية الفاعل، ولا يزيل عنه مفعولا كان له، ألا ترى أنك تقول: " ضربت زيدا " فلا تجاوز هذا المفعول، وتقول: " ضرب زيد " فلا يتجاوزه أيضا الفعل؛ لأنّ المعنى واحد، وتقول:
" كسوت زيدا ثوبا " فتجاوز زيدا إلى مفعول آخر، ثم تقول: " كسي زيد ثوبا " فلا تجاوز الثوب.
قال سيبويه: " لأن الأوّل بمنزلة المنصوب "، يعني " زيدا " في قولهم: " كسي زيد