لها، والجواب على مذهبه في الفصل بينهما، أنّ " أن " المخففة، شبهت في الفعل بالمشددة في الاسم لفظا ومعنى، وإن كان لفظها ناقصا مخففا، والدليل على ذلك أنهم يستقبحون " أنّ أن تقوم خير لك " كما يستقبحون: " إنّ أنّ زيدا قائم يعجبني " في معنى: إن قيام زيد يعجبني، فلما كان المعنى الذي نصبنا به ما بعد " أن " الخفيفة من التشبيه مفقودا في " ما " لم ينتصب بها. ومما يفرق بين " ما " و " أن " أنّ " أن " لا يليها إلا الفعل و " ما " يليها الاسم والفعل في معناها مصدرا، فالفعل قولك: " يعجبني ما تصنع " أي: يعجبني صنيعك، والاسم " يعجبني ما أنت صانع " أي: صنيعك، وكل حرف يليه الاسم مرة والفعل مرة، لم يعمل في واحد منهما.
وأيضا فإنا إذا جعلنا " ما " حرفا، وجعلنا الفعل بعدها صلة لها أدت عن معناها، إذا جعلناها اسما، وجعلنا ما بعدها صفة لها أو صلة، إذا قلت: " يعجبني ما صنعت " فلما كانت مؤدية حرفا، معناها اسما، لم تخالف بينهما وليس لأن إلا حالة واحدة.
وبعض العرب ربما رفعوا ما بعد (أن) تشبيها " بما " وقد روي عن " ابن مجاهد " (1) أنه قرأ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (2).
قال الشاعر:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما
… وحيثما كنتما لاقيتما رشدا
أن تحملا حاجة لي خف محملها
… وتصنعا نعمة عندي بها ويدا
أن تقرآن علي أسماء ويحكمها
… مني السّلام وألّا تشعرا أحدا (3)
والمعنى فيه: أسألكما أن تحملا.
وأما " لن " فزعم سيبويه أنه حرف ناصب، بمنزلة أن وهو نقيض " سوف " وذلك أنك إذا قلت " سوف أقوم " فضد هذا أن يقول القائل: " لن تقوم " وإنما نصبت تشبها ب " أن "
... وشبهها " بأن " أنهما يقعان للمستقبل في الأفعال المضارعة، التي في أوائلها الزوائد الأربع.