و
... تسفهت
… أعاليها مرّ الرياح
... (1)
(كأنه قال: تسفهتها الرياح).
فقد صار رد الخيل بمنزلة الخيل، فكأنه قال ليس بمعروفة لنا الخيل، ولا مستنكر عقرها، والعقر يعود إلى الخيل، غير أنه قد جعل الرد بمنزلة الخيل، فجعل عقرها من سبب الرد.
ثم قال سيبويه: (كأنه قال: " ليس بآتيك منهيها، وليس بمعروفة ردها " حين كان من الخيل، والخيل مؤنثة، فأنث).
يعني: أنا لما جعلنا منهيّها بمنزلة الأمور، وردها بمنزلة الخيل، فكأنهما قد صارا مؤنثين، فعاد إليهما ضمير المؤنث في مأمورها وفي تعقّرا.
قال: (وهذا مثل قوله تعالى: بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (2).
وحدّ الأول على اللفظ، وجمع ما بعده على المعنى، فكذلك ذكر " بآتيك منهيها "، و " بمعروف لنا ردها "، على اللفظ، وأنث مأمورها وتعقرا على المعنى.
قال الأخفش: هذا كله يجوز فيه النصب وإن كان الأخير ليس من سبب الأول؛ لأن " ليس " إن قدمت فيها الخبر، أو أخرته فهو سواء.
قال أبو سعيد: وقد ذكرنا هذا.
قال الأخفش: وليس هذان البيتان على ما زعم سيبويه في الجر؛ لأنه لا يجوز عنده العطف على عاملين وإن لم يكن الثاني من سبب الأول.
وقال أبو سعيد: كان الأخفش يجيز " ولا قاصر عنك مأمورها "، " ولا مستنكر أن تعقّرا "، وإن لم يكن " مأمورها " من سبب منهيها، ولا " عقرها " من سبب ردّها؛ لأنه يجيز " ليس زيد بقائم ولا قاعد عمرو "، عطفا على عاملين.
وزعم الأخفش أن سيبويه غلط في إنكار العطف على عاملين، وأنه جائز مثل قول