ولقائل أن يقول:- وفيه نظر- وليس تقديم الباء في " ما " بالحسن.
قال أبو سعيد: ويجوز عندي " ليس بذاهب أخواك "، و " ما هو بذاهب أخواك " على أن تجعل " ذاهبا " في معنى الفعل، وترفع ما بعده به، وتجعل الجملة في موضع خبر المجهول، ولا تجعل " ذاهبا " خبرا له، ولكن تجعل " ذاهبا " في موضع ابتداء وإن كان فيه الباء، و " الأخوين " مرتفعين بفعلهما، وقد سدا مسد الخبر كما تقول: " ما ذاهب أخواك "، فترفع " ذاهبا " بالابتداء، وترفع " الأخوين " بفعلهما، وقد سدا مسد الخبر، وإنما دخلت الباء على المبتدأ في هذا الموضع لنفي الذي وجب بالحرف الذي قبله، ألا ترى أنك تقول: " ليس زيد بقائم "، فإذا استثنيت لم يجز أن تقول: " ليس زيد إلا بذاهب " لبطلان معنى النفي.
فإن قال قائل: فأجز على هذا: " ليس زيد بأبيه قائم "، على معنى " ليس زيد أبوه قائم "، كما أجزت " ليس زيد بذاهب أبواه "، على معنى " ليس زيد ذاهبا أبواه ".
قيل له: قولنا: " ليس زيد أبوه قائم "، " قائم " مع الأب خبر " ليس "، والعامل فيه الابتداء، فلا يجوز أن يبطل الابتداء بالباء وتعمله، وإذا قلنا: " ليس زيد بذاهب أخواه "، فإنما ترفع " الأخوين " بفعلهما.
فإن قال قائل: فأنت تقول: " بحسبك زيد "، فترفع " زيدا " بخبر المبتدأ، وقد دخلت الباء على " حسبك ".
قيل له: دخول الباء في " حسبك "، مع جعله مبتدأ، شاذ لا يقاس عليه، ألا ترى أنك لا تقول: " بأخيك زيد "، على
معنى " أخوك زيد "، ودخول الباء على خبر كل منفي مطرد.
ومن أصحابنا من لا يجيز البتة: " ما هو بذاهب زيد "، و " ليس بذاهب أخوك "، إذا جعلت في " ليس " ضمير الأمر والشأن؛ لأن الأمر إنما تفسيره جملة، ولا يكون في ابتداء الجمل " الباء "، فاحتج عليه بقوله تعالى: وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ (1).
فقال مجيبا عن ذلك: يجوز أن يكون " هو " ضمير التعمير؛ لأنه قد جرى ذكره في قوله: لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وقوله: " أن يعمّر " بدل من " هو "، وقد صار " هو " ضميرا للتعمير الذي قد تقدم الفعل الدال عليه، كما قال: " من كذب كان شرا له ". والمعنى: كان