يحتاج إلى خبر كقولك: " إن زيدا إذن يقوم "، أو شرط يحتاج إلى جواب كقولك: " إن تأتني إذن أكرمك "، أو قسم يحتاج إلى مقسم عليه، كقولك: " والله إذن لأضربك "، وأما " والله إذن لأقومن إليك " فإنما ألغيت في هذه الوجوه؛ لأن ما بعد " إذن " معتمد على ما قبلها وما قبلها محتاج إلى ما بعدها، وهي قد تلغى في حال، فوجب إلغاؤها هاهنا.
فإن قال قائل: فما معنى قول الشاعر:
لا تتركني فيهم شطيرا
… إني إذن أهلك أو أطيرا (1)
فالجواب أن هذا شاذ، ومتى صح فإنه على أحد وجهين: إما أن يكون جعل " إذن أهلك أو أطيرا " جملة في موضع خبر إن، كقولك: " إني لن أقوم " فشبه إذن بلن، وإن كانت " لن " لا تلغي لها حال، و " إذن " تلغي.
والوجه الثاني: أن يكون حذف خبر " إني "، وابتدأ " إذن " بعد تمام الأول بخبره، وجاز حذف خبر الأول؛ إذن كان في الثاني عليه دليل، كأنه قال: " لا تتركني فيهم غريبا بعيدا إني أذل، إذن أهلك أو أطيرا " فكان في الثاني دلالة على الأول المحذوف، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
فإن سأل سائل فقال: إذا حملتم هذه الحروف على " أن " فنصبتم بها، لمشاركتهن " أن " في وقوع ما بعدهن مستقبلا، فينبغي على قياس هذا القول واطراده أن تنصبوا بما بعد " لا " في النهي، وما بعد " لام " فعل الأمر وما بعد حروف الجزاء؟ قيل له: قد كان ذلك قياسا لازما، وقولا مطردا، لولا علل دخلن عليه، فوجب من أجلها الجزم والسكون.
أما لام الأمر فإن ما بعدها ضارع فعل الأمر المبني الموقوف، ووقع في موقعه، فلما كان في معناه، وواقعا موقعه له ثقل ذلك، ونقص عن منزلة نظائره من الأفعال المستقبلة، وأعطى أضعف الإعراب، وهو الجزم، وحمل المجزوم على فعل الأمر، كما حمل فعل الأمر في المعتل الناقص عليه، نحو: اغز، وارم، واخش، وإنما حذف أواخر هذه الحروف؛ بعلامة الجزم وحمل الأمر عليه، وإن كان مبنيّا.
وأما النهي فإنه نقيض الأمر، فلما كان الأمر على الحد الذي وصفناه بالعامل الذي