و " أعطيت وأعطتني الهندات درهما ".
وإذا أعملت الأول- على هذا الوجه- قلت: " أعطيت وأعطاني إياه زيدا درهما "، و " أعطيت وأعطياني إياه الزيدين درهما "، و " أعطيت وأعطوني إياه الزيدين درهما "، و " أعطيت وأعطينني إياه الهندات درهما "، ويجوز حذف إياه؛ لأن المفعول يستغنى عنه.
وإن كان الفعل متعديا إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على أحدهما، فسبيله سبيل " أعطيت " الأول إلا في الاقتصار على أحد المفعولين، تقول: " ظنني وظننت زيدا منطلقا إياه "، أعملت الفعل الثاني في " زيد "، و " منطلق "، وجعلت في الفعل الأول ضمير " زيد " وهو الفاعل، والنون والياء هما المفعول الأول من مفعولي الظن، وأنت مضطر إلى ذكر الثاني؛ لأنه لا يقتصر على أحد المفعولين فجئت به في آخر الكلام. وهو ضمير " منطلق " بعد أن جرى ذكره، ولا يجوز أن تضمر قبل ذكره؛ لأن المفعول لا يضمر قبل الذكر، وكل ما تعلق بالفعل الأول فلا يجوز أن تذكره بعد الفعل الثاني حتى يتم فاعله ومفعوله.
ولو ثنيت أو جمعت- على هذا الوجه- لم يجز؛ لأنك لو أخرته لقلت: " ظناني وظننت أخويك منطلقين إياه وإياهما " وكلاهما فاسد، وذلك أنك إذا قلت: إياه فقد جعلت ضميرا واحدا، وإذا قلت: إياهما فأضمرت المنطلقين، فقد جعلت المتكلم اثنين وهما واحد، وعلى هذا قياس جميع هذا الباب، فيما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل.
وكان الكسائي إذا أعمل الفعل الثاني في الفاعل، أعرى الفعل الأول من الفاعل، ولم يجعل فيه ضميرا له.
وكان الفراء لا يضمر الفاعل قبل ذكره في شيء من هذه الأفعال التي ذكرنا، فأما الكسائي فإنه يقال للمحتج عنه، أخبرنا عن هذا الفعل، أتنوي فاعله أو لا تنويه؟
فإن قال: لا أنويه فقد أحال؛ لأن الفعل لا يتصور بغير فاعل، وإن قال: أنويه قلنا:
فإذا كنت تنويه قبل أن تذكره لحاجة الفعل إليه، فلم لا تأتي بالعلامة التي تكون لما ينوى من الفاعلين؟
وأما الفراء فإن قوله مخالف لكلام العرب؛ لأن الرواة قد أنشدوا قول طفيل الغنوي: