الاسم كأنه قال: " فأما ثمود فهدينا فهديناهم ".
قال: (ومثله قول ذي الرمة:
إذا ابن أبي ليلى بلالا بلغته
… فقام بفأس بين وصليك جازر (1)
فالنصب عربي كثير والرفع أجود).
أراد: النصب عربي كثير في " زيدا ضربته "، والرفع أجود؛ لأنك إذا رفعت لم تحتج إلى إضمار شيء، وإذا نصبت أضمرت فعلا، وأنت لو أردت إعمال الفعل في الاسم كان يمكنك أن تحذف الضمير الذي في الفعل، وتصل إلى الاسم، ولم يكن يحتاج إلى هذا التأويل البعيد.
وأما قول ذي الرّمة؛ فإن الاختيار فيه النصب؛ لأن " إذا " فيها معنى المجازاة، فهي بالفعل أولى. فإذا كانت بالفعل أولى، كان إضمار الفعل الذي ينصبه أجود.
وقوله " فقام بفأس " هو دعاء، ولو لم يكن دعاء لما جاز دخول الفاء، تقول: " إن أتاني زيد أتيته "، ولا يجوز " إن أتاني زيد فأتيته "، وتقول: " إن أتاني زيد فأحسن الله جزاءه "؛ لأن فيه دعاء. والرفع فيما بعد " أما " أجود؛ لأن ما بعد " أمّا " مبتدأ؛ لأنها من حروف الاستئناف.
قال: (ومثل ذلك " زيدا أعطيت "، و " أعطيت زيدا "، و " زيد أعطيته "؛ لأن " أعطيت " بمنزلة " ضربت " وقد بيّن المفعول الذي هو بمنزلة الفاعل في أول الكتاب).
يعني: أن " أعطى عمرو زيدا " بمنزلة " ضرب عمرو زيدا " في مجازي إعرابهما وعمل الفعل فيهما، فتقديم المنصوب على " أعطى " كتقديمه على " ضرب ".
قال: (فإن قلت: " زيد مررت به "، فهو من النصب أبعد من ذلك؛ لأن المضمر قد خرج من الفعل، وأضيف الفعل إليه بالباء، ولم يوصل إليه الفعل في اللفظ، فصار كقولك: " زيد لقيت أخاه ").
يعني أنك إذا ابتدأت الاسم وجئت بالفعل فيتعدى إلى ضميره بحرف جر، كان الرفع فيه أقوى، والنصب منه أبعد؛ لأنك إذا قلت: " زيدا مررت به " فتنصبه، أضمرت