وأيضا فإنا رأينا الأسماء المعربة هي أقوى من الأفعال وأشد تمكنا، وقد رأينا العوامل فيها تنقسم قسمين. أحدهما يجوز حذفه، والآخر لا يجوز.
فالذى يجوز حذفه ما عمل فيه الفعل، كقولك: " هلا زيدا "، تريد " هلا ضربت زيدا "، ونحو ذلك على ما جرى عليه الكلام كقولك: " أزيدا ضربته " تريد أضربت زيدا ضربت وكنحو المبتدأ المحذوف المبقي خبره، كقولك: " الهلال والله " تريد هذا الهلال.
وإنما يرتفع خبر المبتدأ بما تقدم على نحو ما ذكرناه من الاختلاف فيه، فهذا القسم من الأسماء يجوز حذف عامله، وكذلك ما جرى مجراه.
والذي لا يجوز حذف عامله، ما كان العامل فيه حرفا، نحو قولك: " إن زيدا قائم " و " لعل بكرا منطلق "، و " أخذته من زيد "، " ومررت بعمرو " وأشباه ذلك، وهذا القسم الذي لا يجوز حذف عامله هو أقوى وأمكن من الأفعال، وعوامله أمكن من عوامل الأفعال، ومع ذلك لا يجوز حذفها، فإذا لم يجز حذفها، لم يجز حذف ما هو أضعف منها عملا.
فإن قال قائل: فأنتم تنصبون الأفعال بإضمار " أن " مع " الواو "، و " الفاء " و " أو " وتضمرون " أن "؟ قيل له: إنما جاز ذلك عندنا؛ لأنه قد بقي من الحروف ما يكون بيانا عما ألقي ومثاله في الأسماء قولهم:
ومهمه بآلة مؤزّر
وقولهم:
بل بلد ذي صعد وأضباب (1)
ونحو ذلك في معنى " ربّ " جعلوا " الواو " و " بل " و " الفاء " بدلا من المحذوف وهو " ربّ " وكذلك الفاء والواو و " أو " عوض من المحذوف.
ولما يحذف ويعوض منه باب نتقصّاه إن شاء الله. وإنما ذكرنا منه نبذا غير متقصين؛ لأن القصد في الباب إلى غيره لا إليه.
ووجه ثان مما يبطل أن تكون اللام الجازمة لفعل الأمر محذوفة، كما تحذف أن أنها لو كانت محذوفة، لبقي حرف المضارعة، وكان يقال: تذهب في معنى " لتذهب " كما بقي