العطف لاختير فيه النصب.
ولمعترض أن يقول في قوله: (وقبله نصب) أن الذي قبله عطف عليه قوله: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ (1) والذي أراده سيبويه: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً.
قال: (ولو قلت: " إن زيدا فيها " أو " إن فيها زيدا وعمرو أدخلته أو دخلت به "، رفعته، إلا في قول من قال: " زيدا أدخلته وزيدا دخلت به ").
يعني: إن نصب " زيد " في قولك: " إن زيدا فيها " خلاف نصبه في قولك: " ضربت زيدا "، وذلك أنك إذا قلت: " ضربت زيدا " كان الاختيار أن تقول: " وعمرا أدخلته " على ما تقدم ذكرنا له، وإن قلت: " إن زيدا فيها "، كان الاختيار أن تقول: " وعمرو أدخلته "، وذلك أن " إنّ " ليست بفعل، فيضمر قبل " عمرو " فعلا، حتى تكون الجملة الثانية مشاكلة للأولى على نحو ما مضى، وليس الغرض من تشاكل الجملتين في النصب، وإنما يراد تشاكلهما في الفعل وإن اختلف إعرابهما وقد مضى نحو هذا.
قال: (لأن " إن " ليس بفعل وإنما هو مشبه به، ألا ترى أنه لا يضمر فيه فاعل، ولا يؤخر فيه الاسم، وإنما هو بمنزلة
الفعل، كما أن " عشرين درهما " " وثلاثين رجلا "، و " بئس رجلا " بمنزلة " ضاربين زيدا " وليس بفعل ولا فاعل).
يعني: أن " إنّ " ليست بفعل؛ لأنه لا يضمر فيه الفاعل، كما يضمر في الفعل.
ألا ترى أنك لا تقول: " الزيدون إنو قائمين "، ولا " أنت قائما " ولا شيء من الضمائر التي تكون للفاعلين، فهي مشبهة بالفعل وليست بفعل، كما أن " عشرين درهما "، و " بئس رجلا " مشبه " بضاربين رجلا "، ولا يقوى قوته؛ لأنك تقول: " هؤلاء زيدا ضاربون " ولا تقول: " هذه درهما عشرون "، ولا " رجلا بئس "، وتفصل فتقول: " هؤلاء ضاربون اليوم زيدا "، ولا تقول: " هذه عشرون اليوم درهما "، فليس لما شبه بالشيء قوته.
قال: (وكذلك تقول: " ما أحسن عبد الله وزيد قد رأيناه ").
يعني: أن " زيدا " الاختيار فيه الرفع، وإن كان قبله فعل، وهو " أحسن "، وذلك أن " أحسن "، وإن كان فعلا فهو لا يتصرف، ولا يكون منه مستقبل، ولا يتقدم على " ما "،