معنى: لم يصن، ولم يهن؛ لكثرة لم يكن. ولا نقول قياسا على " لم يبل "، في معنى: يبال:
" لم يعط "، " ولم يجز " - في معنى لم يعاط، ولم يجاز، فتبين الفصل فإنه واضح إن شاء الله ".
فإن قال قائل: فلم قالوا: " اقض "، فحذفوا الياء كحذفهم إذا قالوا: " لم يقض "، وهذا الحذف يكون للجزم، و " اضربا " كما كقالوا: " لم يضربا "، و " اضربوا " كما قالوا: لم يضربوا "؟
فإن الجواب في ذلك أنه لما استوى المجزوم غير المعتل، وفعل الأمر، غيّر المعتل كقولك: " لم يذهب " و " اذهب يا زيد "، وإن كان أحدهما مجزوما معربا، والآخر مسكنا على أصله، سوىّ بينهما في المعتل وفي التثنية والجمع، وحمل ذلك أجمع على الواحد الصحيح.
وذكر " المازني " لفظا يؤول إلى ما قلنا، فقال: إنما قالوا اقض، وارم؛ لمضارعة الجزم السكون، وهذا هو المعنى الذي أردناه، إلا أنا لخصنا هذا المعنى وبيناه.
فإن قال قائل: لم جعلوا في إعراب الأفعال الجزم دون الأسماء؟ قيل له: قد تقدم قولنا في امتناع دخول الجزم على الأسماء، ونبين الآن: لم ساغ دخوله على الأفعال، فنقول وبالله التوفيق:
إن الاسم لما كان هو المستحق للإعراب في أصل الكلام، استحق جميع الحركات؛ لقوته، ولما ستراه في موضعه، إن شاء الله. وضارع الفعل الاسم فجرى مجراه، واستحال دخول الحركة التي هي الجر عليه؛ لما تبين لك من فساد ذلك في موضعه، فجعل مكان تلك الحركة- التي هي الجر- الجزم؛ ليكون معادلا للاسم في إعرابه؛ لتمام مضارعته له.
قال سيبويه: " وليس في الأفعال المضارعة جرّ، كما أنه ليس في الأسماء جزم ".
قال أبو سعيد: إن سأل سائل: فقال لك لم لم يكن في الأفعال المضارعة جر؟ فإن في ذلك أجوبة منها:
إن الجر إنما يكون بأدوات يستحيل دخولها على الأفعال، وهي حروف الجر، وبالإضافة المحضة، وليس لدخول ذلك على الأفعال معنى يعقل. ألا ترى أنك لو قلت:
هذا غلام يضرب، أو مررت بيضرب، ونحو ذلك فسد الكلام.
ووجه ثان: إن المضاف إليه يتعرف به المضاف، أو يخرج به من إبهام إلى