فاعتبر هذا بهذا، ثم اجعل كل واحد جئت به تفسير ما هو مثله).
يعني: أن الاسم المنصوب الذي ولى الاستفهام، ووقع الفعل على ضميره أو على ما اتصل بضميره، إنما تعتبر لزوم نصبه بأن تحذف ضميره من الفعل أو تحذف ما اتصل بضميره. فإن كان الفعل يتسلط عليه فينصبه علمت أن حكمه أن يكون منصوبا بإضمار فعل يكون هذا تفسيره، وإن لم يتسلط عليه ناصب له فليس حكمه أن يكون منصوبا بإضمار فعل.
مثال ذلك أنك تقول: " أزيدا ضربته " تنصب " زيدا " بإضمار فعل؛ لأنك لو حذفت الهاء من " ضربته "، وجب أن تنصب " زيدا " ب " ضرب " هذا الظاهر. وإذا قلت: " أزيدا مررت به "، لو حذفت " الباء " وضمير " زيد " لوجب أن تقول: " أزيدا مررت "، لو كان مما يتعدى بغير حرف، وكان يعمل " مررت " في " زيد ". وإذا قلت: " أزيدا ضربت أخاه "، ثم حذفت " الأخ "، لوجب أن تقول: " أزيدا ضربت "، فوجب أن يكون هذا الفعل الذي يتصل " بزيد "، فينصبه- إذا حذفت الكنايات بعده- وهو الذي يفسر ما ينصب " زيدا " إذا جعلت بعده كنايته. وإذا قلت: " أزيد ذهب به "، و " أزيد قام أخوه "، لو حذفت " الأخ "، و " الباء " وبقيت " أزيد ذهب " أو " أزيد قام "، ما جاز أن يتسلط عليه فينصبه.
فعلمت بذلك أنه لا يكون تفسير شيء ينصب " زيدا " فإذا لم يكن كذلك لم ينصب " زيدا ".
قال سيبويه: (واليوم والظروف بمنزلة " زيد وعبد الله "، إذا لم يكن ظروفا، وذلك قولك: " أيوم الجمعة ينطلق فيه عبد الله " كقولك: " أعمرا تكلم فيه عبد الله " و " أيوم الجمعة ينطلق فيه " كقولك: " أزيد يذهب به ").
يعني: إذا قلت: " أيوم الجمعة ينطلق فيه عبد الله " فهو في موضع نصب؛ لأن " عبد الله " يرتفع ب " ينطلق "، وإذا ارتفع به، انتصب غيره مما يتعلق بالفعل، فصار " يوم الجمعة " منصوبا؛ لأن كنايته تتصل بمنصوب، وإذا قلت: " أيوم الجمعة ينطلق فيه " " ففي " موضعها رفع بإقامتها مقام الفاعل، وكناية " اليوم " تتصل بها، فصار " اليوم " مرفوعا، ويجوز فيه الوجه الذي ذكرناه: وهو أن تقيم المصدر مقام الفاعل، وتجعل موضع " في " منصوبا.
قال: (وتقول: " أأنت عبد الله ضربته " تجريه ها هنا مجرى " أنا زيد ضربته "، لأن الذي يلي حرف الاستفهام " أنت "،
ثم ابتدأت هذا، وليس قبله حرف استفهام ولا