فعل، فلفظهما واحد فكان الابتداء مختارا؛ لأنه أخف في التقدير وليس في اختياره تقدير لفظ، وليس لتقدير الفعل الواقع قبله لفظ يدل عليه، كما كان في المنصوب.
وقد كان أبو عمر الجرمي يختار في قولنا: " أزيد قام "، أن يكون " زيد " مرتفعا بالابتداء.
وكان الأخفش يختار أن يكون مرفوعا بفعل على تقدير: " أقام زيد قام "، وقد فسرنا قول سيبويه: ويكون المضمر ما يرفع أنه يحتمل أن يكون الابتداء، أعني: ويحتمل أن يكون عني فعلا يرفعه بما أغنى عن إعادته.
وقال أبو الحسن الأخفش: " أأنت عبد الله ضربته "، النصب أجود؛ لأن " أنت " ينبغي أن يرتفع بفعل، إذ كان له فعل في آخر الكلام. وينبغي أن يكون الفعل الذي يرتفع به " أنت " ساقطا على " عبد الله "، وكأنه في التقدير: " أضربت أنت عبد الله ضربته " وقد ذكرنا هذا.
قال: (فإن قلت: " أكلّ يوم زيدا تضربه "، فهو نصب كقولك: " أزيدا تضربه كل يوم "؛ لأن الظروف لا تفصل كما لا تفصل في قولك: " ما اليوم زيد ذاهبا "، و " إن اليوم عمرا منطلق "، فلا تحجز هاهنا كما لا تحجز ثمت).
يريد: أن تقدم الظرف كتأخره في قولك: " أكلّ يوم زيدا تضربه "؛ لأنه لا فرق بين أن تقول: " أزيدا كل يوم تضربه "، وبين أن تقول: " أكل يوم زيدا تضربه ". ولا يشبه هذا قولك: " أأنت عبد الله ضربته "، ولا قولك: " أزيد هند يضربها "، وذلك أنك إذا قلت:
" أأنت عبد الله ضربته "، رفعت " أنت " بالابتداء، ولم يكن فيما بعده ضمير له منصوب، ولا متصل بمنصوب، والعائد إليه التاء التي في " ضربته "، فهي ضمير مرفوع. وإذا قلت:
" أكل يوم زيدا تضربه " فلا بد من نصب الظرف؛ لأنه لا عائد إليه، فإذا نصبناه فلا بد من أن تنصبه بالفعل الظاهر، أو المضمر الذي ينصب " زيدا ". فإن نصبناه بالظاهر فتقديره:
" أزيدا تضربه كل يوم "، ويجب نصب " زيد "؛ لأنه يلي حرف الاستفهام. وإن نصبناه بالمضمر فتقديره: " أتضرب زيدا كل يوم تضربه "، فيجب نصب " زيد " بالفعل الذي تنصب به الظرف.
فإن قال قائل: اجعله مرفوعا ويكون العائد إليه " فيه " محذوفه كقولك: " اليوم لقيتك "، على تقدير " لقيتك فيه "، فيكون تقدير هذا: " أكل يوم زيد تضربه فيه "، فيكون