شيء).
يعني أنك إذا أعملته، فقد صيرته بمنزلة " رأيت، وضربت، وأعطيت "، فينبغي أن تجرى مجراه في البناء على الأول في الخبر والاستفهام وفي كل شيء.
أما البناء على الأول في الخبر، فقولك: " عبد الله حسبته منطلقا "، كما تقول: " عبد الله أعطيته درهما "، تختار الرفع في هذا كما اخترته في " عبد الله أعطيته درهما " ويجوز النصب فيه، كما جاز في " عبد الله أعطيته درهما ". وأما الاستفهام فقولك: " أعبد الله حسبته منطلقا "، يختار النصب في هذا على تقدير: أتوهمت عبد الله حسبته منطلقا، كما اخترت النصب في " عبد الله أعطيته درهما " على تقدير: أعطيت عبد الله أعطيته درهما، ويجوز الرفع فيهما جميعا بالابتداء.
وقوله: (وفي كل شيء).
يعني: في سائر الأفعال التي تختار فيها النصب بعد الاستفهام، كقولك: " أظنّ عبد الله منطلقا "، و " بكرا أظنه خارجا "، كما تقول: " ضربت زيدا، وعمرا ضربته "، وإن شئت قلت: " وبكر أظنه خارجا "، كما تقول: " ضربت زيدا وعمرا ضربته ".
قال: (فإن ألغيت قلت: " عبد الله أظنّ ذاهب "، و " هذا أخال أخوك "، و " فيها أرى أبوك).
يعني: أن " أرى " قد توسط بين الاسم والخبر؛ لأن الاسم المبتدأ هو الأب، و " فيها " خبره، و " أرى " كالفضلة؛ لأنه شيء هجين في نفسه، فأشبه باب القول في الحكاية، وضعف الفعل فيه إذا توسط، أو تأخر.
وإذا تأخر كان الإلغاء فيه أحسن منه إذا توسط؛ لبعد الفعل من الأول. وكل عربي صحيح جيد. قال اللعين المنقري:
أبالأراجيز يابن اللّؤم توعدني
… وفي الأراجيز خلت اللوم والخور (1)
" فاللؤم " مرفوع بالابتداء، و " الخور " عطف عليه، " وفي الأراجيز " هو الخبر، و " خلت " ملغي، فهو بمنزلة " فيها أرى أبوك ".
قال: (وإنما كان التأخير أقوى؛ لأنه إنما يجيء بالشك بعد ما يمضي كلامه على