قال: " زيدا رأيت، ورأيت زيدا "، وكلما طال الكلام ضعف التأخير إذا أعملت).
يعني: إذا ابتدأ الاسم وفي نيته أن يأتي بفعل الشك، نصب، كما يفعل ذلك في " ضرب " وإذا طال الكلام ضعف التأخير الإعمال، إذا قلت: " زيدا منطلقا اليوم أظن "، كان أضعف من قولك: زيدا أظن منطلقا و " زيدا منطلقا أظن "، أضعف من قولك: " زيدا أظن منطلقا " قال: كما يضعف " زيدا قائما ضربت "؛ لأن الوجه أن تقول: " ضربت زيدا قائما "، و " زيدسا قائما ضربت " أضعف من " زيدا ضربت قائما "، ولا يجوز في " ضربت " إلا النصب.
قال: (ومما جاء في الشعر معملا في زعمت قول أبي ذؤيب:
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم
… فإني شريت الحلم بعدك بالجهل)
أعمل الزعم في النون والياء، وهي المفعول الأول، و " كنت أجهل فيكم " جملة في موضع المفعول الثاني:
(وقال النابغة الجعدي:
عددت قشيرا إذ عددت فلم أسأ
… بذاك ولم أزعمك عن ذاك معزلا)
فالمفعول الأول: " الكاف " في " أزعمك "، وهو في موضع نصب والثاني: معزلا.
والتقدير: فلم أزعمك معزلا عن ذاك.
قال: (وتقول: " أين ترى عبد الله قائما "، و " هل ترى زيدا ذاهبا "؛ لأن " هل "، و " أين "، كأنك لم تذكرهما، لأن ما بعدهما ابتداء فكأنك قلت: " أترى عبد الله قائما " و " أنظن عمرا منطلقا ").
يعني: أنك إذا جعلت " قائما " هو المفعول الثاني، فقد تقدم الفعل المفعولين جميعا، فوجب النصب فيهما، ويكون " أين " ظرفا ملغي في صلة قائم.
قال: (فإن قلت: " أين "، وأنت تريد أن تجعلها بمنزلة " فيها " إذا استغنى بها الابتداء، قلت: " أين ترى زيدا، وأين ترى زيد ").
يعني: أنك إذا جعلت " أين " خبرا لقولك: " أين زيد "، و " في الدار زيد "، ثم جئت بالظن بعد " أين "، جاز الإعمال والإلغاء، فتصيره بمنزلة قولك: " قائما ظننت زيدا، وقائم ظننت زيد "، ويجوز أن تقول: " أين ترى زيد قائما "، على أنك تجعل " أين " خبر " زيد " وتلغي " ترى "، وتنصب " قائما " على الحال.