تضربه كل يوم "، فكذلك ها هنا، كأنك قلت: " أتقول عمرا منطلقا كل يوم ".
قال: (وتقول: " أأنت تقول زيد منطلق " رفعت؛ لأنه فصل بينه وبين حرف الاستفهام، كما فصل في قولك: " أأنت زيد مررت به " فصارت بمنزلة أخواتها، وصارت على الأصل).
قال أبو سعيد: يعني: أنّ " أنت "، فصلت بين الاستفهام وبين " تقول "، فخرجت " تقول " عن الاستفهام، فعادت إلى حكمها وحكاية ما بعدها، كما أنك إذا قلت: " أأنت زيد مررت به " فصلت " أنت " بين ألف الاستفهام وبين " زيد "، فرفع " زيد " كحكمه في الابتداء. قال الكميت شاهدا لجعل " تقول " في مذهب " تظن " في الاستفهام:
أجهّالا تقول بني لؤيّ
… لعمر أبيك أم متجاهلينا (1)
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أما الرّحيل فدون بعد غد
… فمتى تقول الدّار تجمعنا (2)
قال: (وإن شئت رفعت بما نصبت فجعلته حكاية).
يعني: إن شئت حكيت بعد القول في الاستفهام، ولم تجعله في مذهب " تظن " فقلت: " أتقول زيد منطلق ".
قال أبو عثمان: غلط سيبويه في قوله: وإن شئت رفعت بما نصبت؛ لأن الرفع بالحكاية، والنصب بإعمال الفعل.
يريد أبو عثمان: أنك إذا قلت: " أتقول: زيد منطلق "، " فزيد " مرفوع بالابتداء، وإذا قلت: " أتقول زيدا منطلقا "، فهو منصوب بالفعل.
فقال المجيب عن سيبويه: إن هذا لا يذهب على من هو دون سيبويه ولم يغز سيبويه هذا المغزى، إنما أراد: وإن شئت رفعت في الموضع الذي نصبت، ولم يعرض لذكر العامل كما تقول: " زيد بالبصرة "، وإنما تريد: " في البصرة ".
وقد يجوز أن يكون المعنى: وإن شئت رفعت ما نصبت، والباء زائدة كما قال تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ (3) أي: تنبت الدّهن وكما قال الشاعر: