إليك ": خبر الابتداء الثاني والجملة في موضع خبر الابتداء الأول، والعائد إلى الابتداء الأول " الهاء " التي قدرناها في " تلده ". وإنما جاز حذفها وحسن؛ لأنها في صلة " أن "، و " أن " وما بعدها من الفعل بمنزلة اسم واحد، فأشبهت " الذي " فحسن حذفها، و " أنثى ": معطوفة على " ذكر " بأم.
والوجه الثاني: أن تجعل " أن تلد ": بدلا من " الذكر "، فكأنك قلت: " أأن تلد ناقتك ذكرا أحب إليك أم أن تلد أنثى؟ " ثم حذفت، وإنما أراد سيبويه أنك لا تنصب " ذكرا " بالفعل الذي بعد " أن "، لأن ما بعد " أن " لا يعمل فيما قبلها، فلم يتسلط الفعل على ما قبلها كما لم يتسلط على ما قبل " الذي " إذا كان في صلة " الذي ".
قال: (وتقول: " أزيد أن يضربه عمرو أمثل أم بشر " كأنه قال: " أزيد ضرب عمرو إياه أمثل أم بشر "، فالمصدر: مبتدأ، " وأمثل ": مبني عليه، ولم ينزل منزلة " يفعل "، فكأنه قال: " أزيد ضاربه عمرو خير أم بشر ").
وهذا على التقدير الذي قدرناه بدءا أنه يجعل " أن " مبتدأ ثانيا ويجعل الجملة في موضع خبر المبتدأ الأول، ويجعل الاسم الذي بعد " أم " معطوفا على الاسم الأول.
قال: (وذلك لأنك ابتدأته، وبنيت عليه فجعلته اسما، ولم يلتبس " زيد " بالفعل إذ كان " ضارب " اسما كما لم يلتبس به " الضاربه "، حين قلت: " أزيد أنت الضاربه "؛ لأن " الضاربه " في معنى الذي ضربه، والفعل تمام هذه الأسماء).
قوله: (وذلك لأنك ابتدأته وبنيت عليه).
يعني: أنك إذا قلت: " أزيد ضاربه خير أم بشر " جعلت " ضاربه " مبتدأ وبنيت عليه " خير "، فجعلته خبرا، فخرج من أن يكون في معنى الفعل الذي يعمل في زيد، وصار بمنزلة ما فيه الألف واللام إذا قلت: " زيد أنت الضاربه "، وما فيه الألف واللام، فهو بمعنى " الذي " فلا يعمل فيما قبله.
قال: (وتقول: " أأن تلد ناقتك ذكرا أحب إليك أم أنثى "؟، لأنك حملته على الفعل الذي هو صلة " أن " فصار في صلته، وصار كقولك: " الذي رأيت أخاه زيد "، ولا يجوز أن يبتدأ " بالأخ " قبل " الذي " وتعمل فيه " رأيت أخاه زيد " فكذلك لا يجوز