وهو كثير.
فإن قال قائل: فما معنى قوله: ليس غير، وما موضع غير؟ فإن الجواب في ذلك أن ليس دخلت هاهنا للاستثناء، كقولك: " جاءني القوم ليس زيدا " تريد: ليس بعضهم زيدا، واسم ليس مضمر في النية، وموضع غير منصوب
بخبر ليس، كما كان زيد منصوبا في قولك: أتاني القوم ليس زيدا، كأنك قلت ليس شيء غير ذلك، فحذف منه المضاف وبني على الضم، والعرب تفعل ذلك فيما عرف معناه، يقولون: " أتاني زيد ليس إلا "، " وأتاني القوم ليس إلا " أي ليس إلا هذا الذي ذكرت.
وتقدير قوله: " المضارعة عندهم ما ليس باسم مما جاء لمعنى ليس غير "، كأنه قال: المشابهة للحروف التي جاءت لمعنى ليس غير ذلك المعنى، أي ليس ما جاءت فيه غير ذلك المعنى، فجعل الاسم في النية وحذف المضاف إليه وغيّر بناؤه.
وأما الزجاج فإنه كان يقول إذا قلت: " ليس غير " أو " لا غير " فأدرجته، نونته، ويكون التقدير: مما جاء لمعنى ليس فيه غير، وهو يريد: غير ذلك المعنى، وكذلك لا غير، يريد لا فيه غير لذلك المعنى، ويحذف الخبر، وحجته في ذلك أنه بمنزلة أي وكل وبعض أنهن منونات، وإن حذف ما أضفن إليه: كقولك: أي قام، وكقولك: تخلّف بعض وجاءني بعض، ونحو ذلك. وفي القولين جميعا نظر، والله الموفق.
قال: " والأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة ".
الأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة هي الأفعال الماضية المبنيّة على الفتح وأفعال الأمر المبنية على الوقف، فأما أفعال الأمر فقد مرت، وأما الأفعال الماضية فسنراها إن شاء الله.
قال: " وللحروف التي ليست بأسماء ولا أفعال ولم تجئ إلا لمعنى "، يعني: الفتح والضم والكسر والوقف للأسماء المبنية وللأفعال غير المضارعة وللحروف.
وقوله: " فالفتح في الأسماء نحو قولهم حين وأين وكيف ".
قال أبو سعيد: اعلم أن الأسماء المبنية كلها لا يخرج بناؤها من أن يكون لمشابهة الحروف ومضارعتها، أو للتعلق بها وملابستها، أو لوقوع المبني موقع فعل مبني، أو لخروجه عما عليه نظائره وخلافه لباب أشكاله، وأنا مبين جميع المبنيات بما يحضر لي من شرحها وإبانتها بعللها، وبالله التوفيق.