" سوف " والفعل كشيء واحد. و " لم " مثل " لن "؛ لأنها وما بعدها من الفعل كشيء واحد نقيض الفعل الماضي، والفعل الماضي يجوز أن يتقدم مفعوله ونقيض الشيء يقع موقعه وعلى حسب لفظه.
فإن قال قائل: فلم لا يجوز: " زيدا ما ضربت "، كما جاز: " زيدا لم أضرب "؟ قيل له: ليس طريق " ما " طريق " لم "؛ لأن " لم " تدخل على الأفعال فقط، وهي والفعل بمنزلة شيء واحد، كما كانت " سوف " مع الفعل كشيء واحد.
و" ما " تدخل على الجمل وهي نقيضه " إن "، يقال: " إن زيدا قائم " فتقول: " ما زيد قائم "، ألا ترى أن " ما " تكون جوابا للقسم في النفي، كما تكون " إن " جوابا في الإيجاب، فلما صارت بمنزلة " إن " لم يعمل ما بعدها فيما قبلها.
قال: (وتقول: " كل رجل يأتيك فاضرب " نصب لأن " يأتيك " صفة ها هنا، فكأنك قلت: " كل رجل صالح أضرب ").
نصب " كلا " بالفعل الذي بعد الفاء؛ لأن الفاء في الأمر يعمل ما بعدها فيما قبلها، كقولك: " زيدا فاضرب "، و " بزيد فأمرر ". وله علة نذكرها في موضعها إن شاء الله و " يأتيك " صفة لرجل.
(وإذا قلت: " أيهم جاءك فاضرب "، رفعته: لأنه جعل " جاءك " في موضع الخبر، وذلك لأن قولك: " فاضرب " في موضع الجواب و " أي " من حروف المجازاة، و " كل رجل " ليست من حروف المجازاة).
يعني: أن ما بعد الفاء في قولك: " أيهم جاءك فاضرب "، لا يعمل في " أيهم "؛ لأنه في موضع الجواب، والجواب لا يعمل في الاسم الأول. والدليل على أنه جواب أنك لا تقول: " أيهم جاءك اضرب " إلا بتقدير الفاء على قبح ولو قلت: " كل رجل جاءك اضرب "، لكان حسنا على تقدير: " اضرب كل رجل جاءك ". ولو جعلت " أي " بمعنى " الذي "
جاز أن تنصب، فتقول: " أيهم جاءك فاضرب "، كما تقول: " الرجل الذي جاءك فاضرب ". على ما بيّنا في الأمر إذا قلت: " زيدا فاضرب "، إذ ما بعد الفاء يعمل ما بعدها في الأمر، ومثله: " زيد إن أتاك فاضرب " إن جعلت الفاء جوابا رفعت " زيدا " لا غير، وإن لم تجعله جوابا، فقدرت: " زيدا فاضرب إن أتاك " نصبت. وكذلك: " أيهم يأتيك تضرب "