يعني أن " يوم الجمعة " لغو، كأنك قلت: " زيدا أضرب " إلا أن تحذف الهاء على الوجه القبيح الذي ذكرناه في " زيد ضربت " و " كله لم أصنع " قال: ولا يجوز أن يكون " أضرب " جوابا " ليوم الجمعة "؛ إذ ليس فيه معنى جزاء.
والدليل على أنه ليس فيه معنى جزاء (أنك لو قلت: " زيد يوم الجمعة فأنا أضربه "، لم يجز، فهذا يدلك أنه يكون على غير قولك: " زيدا فاضرب حين يأتيك ").
تحصيل هذا الكلام أنك إذا قلت: " زيدا إذا أتاك فأضرب "، كان الاختيار النصب، وجاز فيه الرفع من وجهين:
أحدهما: أن تجعل " اضرب " جوابا، فيستحيل النصب في " زيد ".
والثاني: ألا تجعله جوابا وتضمر الهاء على قول من قال: " زيد ضربت " وإذا قلت:
" زيدا يوم الجمعة أضرب "، فالنصب الوجه، ويجوز الرفع من وجه واحد، وهو على قول من قال: " زيد ضربت " إذا كان لا يجوز فيه الجواب.
وقوله: (فهذا يدلك على أنه يكون على غير قولك: " زيدا فأضرب حين يأتيك ").
يعني: أنه لما جاز أن تقول: " زيد حين يأتيك فأنا أضربه "، و " زيد إذا يأتيك فأنا أضربه " فتجعل الفاء جوابا، ولا يجوز " زيد يوم الجمعة فأنا أضربه " على جعل الفاء جوابا. فدلك ذلك على أن قولك: " زيد حين يأتيك فاضرب "، قد يكون على غير قولك: " زيدا فأضرب حين يأتيك ".
وفي آخر هذا الباب قول لست أدري لمن، وهو: وهذا عندنا غير جائز إلا أن يكون الأول مجزوما في اللفظ.
يعني: أنك لا ترفع " زيدا "، إذا قلت: " زيدا إذا يأتيني أضرب "، إذا كان قولك:
" إذا " يأتيني " بمنزلة " يوم الجمعة " حين لم تجزم الفعل، فإذا جزمت الفعل فقلت: " زيد إذا يأتيني أضرب " رفعت " زيدا " إذا أحللت " إذا " محل " إن "، وسيبويه يحلها محل " إن "، وإن كان ما بعدها مرفوعا؛ لأن فيها معنى الجزاء بالدلالة التي ذكرنا.