الشاعر:
وذكرت تقتد برد مائها
… وعتك البول على أنسائها (1)
فأبدل " برد مائها " من " تقتد "، و " تقتد " موضع، و " برد مائها " بدل الاشتمال، وأنشده سيبويه للتأكيد الذي ذكره في البدل و " وعتك البول " يعني قدمه وصفرته، يقال:
قوس عاتكة إذا اصفرت من القدم، والمعنى أن هذه الناقة ذكرت برد ماء هذا الموضع، وهذه حالها لطول السفر، ويروى " وعبك البول على أذنابها "، وهو تركده وتراكبه عليه، ويجوز " عتك البول " على معنى وقد عتك البول.
قال: (وقد يكون هذا البيت على الوجه الآخر الذي أذكره لك).
يعني من الوجهين اللذين ذكرنا أحدهما أنه على سبيل التأكيد.
قال: (وهو أن يتكلم فيقول رأيت قومك، ثم يبدو له أن يبين ما الذي رأى منهم، فيقول: " ثلثيهم " أو " ناسا منهم ").
وهذا هو الوجه الثاني من الوجهين، وهو أن يقول: " رأيت قومك "، وقصده إلى جميعهم، ثم بدا له في ذلك، وامتنع أن يخبر عن جميعهم، فعدل إلى الإخبار عن البعض، فهذا لم يكن في أول كلامه قاصدا إلى ذكر البدل، وإنما بدا له ذلك بعد ما مضى صدر كلامه على الوجه الذي لفظ، والذي قبل هذا لم يبد له شيء لم يرد أن يتكلم به من بعد.
قال: (ولا يجوز أن تقول: " رأيت زيدا أباه "، والأب غير زيد؛ لأنك لا تبيّنه بغيره، ولا بشيء ليس منه).
وقد بينا ذلك.
قال: (وإنما يجوز " رأيت زيدا أباه " و " رأيت زيدا عمرا " أن يكون أراد أن يقول: رأيت عمرا ورأيت أبا زيد، فغلظ أو نسي، ثم استدرك كلامه).
قال: (ومن هذا الباب " بعت متاعك أسفله قبل أعلاه " واشتريت متاعك أسفله أسرع من اشترائي أعلاه، واشتريت متاعك بعضه أعجل من بعض، وسقيت إبلك صغارها أحسن من سقي كبارها، وضربت الناس بعضهم قائما وبعضهم قاعدا).
قال أبو سعيد فهذا كله على البدل، والمنصوب الثالث على الحال.