القوم أجمعين " كأنه قال: " ضرب زيد " كلّه "، وقولك: " مطرنا سهلنا وجبلنا " كقولك:
" مطرت بقاعنا كلّها ".
قال: " وإن شئت نصبت فقلت: ضرب زيد ظهره وبطنه، ومطرنا السهل والجبل ".
قال أبو سعيد: فتنصب هذا على أن تجعله مفعولا ثانيا، وإن كان الضرب في الأصل يتعدى إلى مفعول واحد، فتقدر حرف الجر في الأصل، ثم تحذفه، فيصل الفعل، كما قال عز وجل: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا (1) أي من قومه، فكأنك قلت:
ضرب زيد على ظهره وبطنه، فحذفت " على ".
ولا يطرد هذا في الأشياء كلها، لا تقول: " ضرب زيد يده ورجله " على ذلك التقدير كما لا يجوز " مررت زيدا " قياسا على قول الشاعر: " أمرتك الخير ".
وكما لا يجوز " أخذت زيدا ثوبا " على معنى: من زيد ثوبا، قياسا على قوله:
" واختار موسى قومه ".
وقد يجوز أن تنصب البطن والظهر على الظرف، وحذف حرف الجر منه، كأنك قلت: ضرب في ظهره وبطنه، ولا يقال ضرب زيد يده ورجله " على الظرف، وإنما خالف الظهر والبطن اليد والرجل؛ لأن الظهر والبطن عامّان في الأشياء، ألا ترى أن لكل شيء بطنا وظهرا، أو لأكثر الأشياء فيما جرت به العادة في كلام الناس، فأشبه الظهر والبطن المبهمات من الظروف لعمومها، وليس اليد والرجل، والسهل والجبل بمنزلة الظهر والبطن؛ لأن المواضع إما أن تكون سهلا أو تكون جبلا، فجعلت ظروفا لهذا الإبهام، ومع هذا التشبيه الذي ذكرنا، فالقياس فيه ألا يكون ظرفا، ألا ترى أنّك لو قلت:
" هذا الشّعر ظهر زيد أو بطن زيد " لم يجز كما تقول: " هذا خلف زيد وأمام زيد "، وصار في الشذوذ بمنزلة " دخلت البيت " و " ذهبت الشّام ".
قال: " ولم يجيزوه في غير السهل والجبل، والظهر والبطن، كما لم يجز دخلت عبد الله، فجاز هذا في ذا وحده، كما لم يجز حذف حرف الجر إلا في الأماكن ".
يعني لم يقولوا: " ضرب زيد اليد والرجل " على الشذوذ كما لم يقولوا دخلت هذا