جره، وإن كان القياس النصب لما ذكرنا، وإنما جاز الجر تشبيها بالحسن الوجه إذا كان في الوجه الألف واللام، وإن لم يكن فيه ألف ولام لم يجز، لأنك لا تقول: " مررت بالحسن وجه "، كما تقول: " مررت بالحسن الوجه " بالألف
واللام وهذا يحكم في بابه.
وقد أجاز سيبويه " هذا الضارب الرجل وزيد " و " هذا الضارب الرجل زيد " على عطف البيان، وإنما جاز في الاسم الثاني الجر، وإن لم يكن فيه ألف ولام؛ لأنه تابع للاسم الذي قبله، ولم يل اسم الفاعل، وقد يجوز في التابع ما لا يجوز في المتبوع، ألا ترى أنك تقول: " يأيها الرجل ذو الجمّة " فتجعل " ذو الجمّة " نعتا للرجل ولا يجوز أن يقع موقعه، وتقول: " يا زيد والرجل "، ولا يجوز أن يقع موقع الأول؛ لأنك لا تقول: يأيها ذو الجمّة، " يا الرجل " وأنشد في ذلك قول المرّار الأسديّ: (1)
أنا ابن التارك البكريّ بشر
… عليه الطير ترقبه وقوعا (2)
فجعل " بشرا " عطف بيان من " البكري "، وأجراه عليه ولا يصح أن يكون بدلا، لأن البدل يقع موقع المبدل منه وكان أبو العباس المبرد لا يجيز الجر في الاسم الثاني عطفا كان أو بدلا، أو عطف بيان.
وينشد البيت نصبا:
أنا ابن التارك البكريّ بشرا
والقول ما ذكرناه عن سيبويه؛ للقياس الذي بيناه ولإنشاد العرب والنحويين البيت بالجر، والفراء يجيز " هذا الضارب زيد " " وهذا الضارب رجل "، ويزعم أن تأويله:
هذا الذي هو ضارب زيد، وضارب رجل، فيلزمه " هذا الحسن وجه "، على تقدير هذا الذي هو حسن وجه، و " هذا الغلام زيد " على تقدير هذا الذي هو غلام زيد، لأنه قدّر دخول الألف واللام على الاسم، ولم ينقل الفعل عن لفظه لدخولها وصيّر ما بعد الألف واللام معها على حكاية لفظ " الذي " وهذا قول فاسد، وأنشد سيبويه في العطف قول الأعشى: