ذلك في الفاعل، ومن قال: " هذا ضارب زيد وعمرا " قال: " عجبت له من ضرب زيد وعمرا " كأنه أضمر " ويضرب عمرا " أو " وضرب عمرا ".
يعني أن قولك: " عجبت من ضرب زيد وعمرو " هو الوجه، ويجوز " عمرا "، وهو بمنزلة قولك: " هذا ضارب زيد وعمرو " و " ضارب زيد وعمرا " وصار الجر أجود؛ لمشاكلة اللفظيين، واتفاق المعنيين، وإذا نصبته كان المنصوب مردودا على الأول في معناه، وليس بمشاكل له في لفظه، فإذا حصل اتفاق اللفظ والمعنى كان أجود.
وقوله: كأنه أضمر " ويضرب " أو " ضرب "
يعني أنك تردّ " عمرا " على المعنى، فإذا رددته على المعنى فلا بد من تقدير شيء ينصبه، إذ ليس في اللفظ ناصب، قال الراجز:
قد كنت داينت بها حسّانا
… مخافة الإفلاس واللّيانا (1)
يحسن بيع الأصل والقيانا
فنصب " القيان " على المعنى، وأما نصب " الليان " فيجوز أن يكون من هذا الوجه، كأنه قال: وخاف الليان، ويجوز أن يكون مخافة الإفلاس، ومخافة الليان، فحذف المخافة، وأقام " الليان " مقامها، ويجوز أن يكون على " المفعول
له " كأنه قال: ولليان فحذف اللام ونصب كما تقول: " جئتك ابتغاء الخير " أي لابتغاء الخير.
قال: وتقول: " عجبت من الضرب زيدا كما تقول: عجبت من الضارب زيدا.
فيكون الألف واللام بمنزلة التنوين، قال الشاعر:
ضعيف النّكاية أعداءه
… يخال الفرار يراخي الأجل (2)
فنصب " أعداءه " بالنكاية كأنه قال: نكاية أعداءه.
وقال المرّار:
لقد علمت أولى المغيرة أنني
… لحقت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا (3)