التأثير والعمل في الأسماء، فعمل في الأسماء كلها؛ إذ كانت الأسماء العاملة في الأسماء إنّما عملت لمضارعتها، وليس كذلك باب " أفضل "؛ لأنه اسم يعمل بمضارعة اسم هو أقوى منه، وهو الصفة المشبهة، فلما كانت الصفة المشبهة التي عمل " أفضل " وبابه لمضارعتها، تكون معرفة ونكرة وهي عاملة، ونقص " أفضل " عنها، فلم تكن إلا نكرة، نقص ما عمل فيه فلم يكن إلا نكرة.
ووجه ثان وهو أنا رأينا " أفضل " وبابه يعمل في واحد يكون معنى الجنس، فصار نسبته من الصفة المشبهة كنسبة " لا " من " إنّ " في أنها لا تعمل إلا في نكرة، وذلك أنّ " إنّ " تعمل في المعارف والنكرات، ولا تجعل الواحد بمعنى جنس، وقد ينصب ب " لا " كما ينصب بإنّ إلا أن " لا " تجعل الواحد في معنى الجنس، فلم تعمل إلا في نكرة، وكذلك " أفضل " وبابه، لما صار الواحد بعده في معنى الجنس لم يعمل إلا في نكرة، وخالف الصفة المشبهة كما خالفت " لا " " إنّ " وبابها فيما ذكرنا. فإن قال قائل: إذا جاز أن تقول:
" مررت برجل قائم أبوه وحسن وجهه " فتجريه على رجل، وترفع فاعله به، فلم لا تقول:
" مررت برجل خير منك أبوه وأفضل منك أخوه "، ونحو ذلك، فتجريه على الأول، وترفع به فاعله كما تقول: " مررت برجل خير منك وأفضل منك " فتجريه على الأول، وترفع ضميره به؟
قيل له: الفصل بينهما أن " حسن وجهه وقائم أبوه "، وما جرى مجراهما من أسماء الفاعلين، إذا نقلنا الضمير إلى الأول فجعلناه فاعلا في اللفظ، ثنّي وجمع وأنّث، على مقدار ما فيه من الضمير، وذلك قولك: " مررت برجل حسن الوجه، وبرجلين حسني الوجه، وبرجال حسني الوجوه، وبامرأة حسنة الوجه "، فلما جرت على ما قبلها فأشبهت اسم الفاعل الجاري على فعله، في تثنيته وجمعه وتأنيثه وتذكيره، وصار محله الفعل، فكذلك اسم الفاعل لما ثنيناه وجمعناه وأنثناه وذكرناه في قولنا: " مررت برجل ضارب زيدا "، وبرجلين ضاربين زيدا، وبرجال ضاربين زيدا، وامرأة ضاربة زيدا، على قولك:
" مررت برجل ضرب زيدا، ورجلين ضربا زيدا، ورجال ضربوا زيدا، وامرأة ضربت زيدا ".
فإذا كان اسم الفاعل لشيء هو من سبب الأول، جاز أن تجريه على الأول؛ لأنه يثنّى بتثنيته ويؤنث بتأنيثه، ويجمع بجمعه، فصار كأنه له فعل، وأما " أفضل " وبابه فإنه لا