فلا بد من أن يكون هو رجلا من الرجال الذين أضيف إليهم، وهو عبد من العبيد، لما بيّنا من أن الإضافة توجب هذا، فإذا كان كذلك فقد صار هو العبد الفاره، والرجل الفاضل الذي فضل على جنسه.
وحقيقة معنى قوله: " لأن الفاره هو العبد ":
أن في " أفره " ضميرا يرتفع بأفره، وذلك الضمير هو الأول، وقد ارتفع بالفراهة، والفراهة له في الحقيقة، ولم تنقل إليه عن غيره، ولا يشبه هذا قولك: " هو أفره منك عبدا " لأن في " أفره " ضميرا من الرجل، يرتفع بأفره كما يرتفع الفاعل بفعله، وليست الفراهة له في الحقيقة وإنما الفراهة للعبد نقلت إليه.
قال سيبويه: " ولم تلق أفره ولا خيرا على غيره ثم تختصّ شيئا "
يعني أنك لم تلق أفره ولا خيرا على شيء نقل إليه عن غيره، ثم بيّن من المنقول عنه، كقولك: " زيد أفره منك عبدا " و " خير منك أبا " فالمعنى مختلف.
(وليس هاهنا فصل)
يعني: أنك إذا قلت: " هو أفره عبد " لم يكن ثم فصل وهو منك، والفصل يوجب أن الثاني غير الأول كقولك: " زيد أنظف منك ثوبا " فثوبا غير زيد، فمتى جعلت الثاني غير الأول احتجت إلى " من " وإذا جعلت الثاني هو الأول لم تحتج إليها على حد ما بينا.
قال سيبويه: " ولم يلزم إلا ترك التنوين كما أن " عشرين " و " خيرا منك " لم يلزم فيه إلا التنوين ".
قال أبو سعيد: يعني أن باب " أفضل رجل وخير رجل " لزم فيه ترك التنوين كما أن " عشرين رجلا " و " خيرا منك أبا " لزم فيه التنوين، وكل واحد منهما قد تقدمت علته.
وليس لزوم التنوين في " عشرين " و " خير منك " هو علة ترك التنوين في " أفضل رجل " و " خير رجل "، ولكن كل واحد منهما يلزم فيه الذي ذكر.
قال سيبويه: " وإنما أثبتوا الألف واللام في قولهم: " أفضل الناس " لأن الأول قد يصير به معرفة ".
يعني: أن باب المضاف في: " أفضل " يجوز تعريف الثاني فيه وتنكيره، وإنما جاز ذلك لأنه يجوز تعريف الأول فيه، ألا ترى أنك إذا قلت: " هذا أفضل رجل " فهو نكرة، قد فضل على هذا الجنس وهو منهم، تقول: " مررت برجل
أفضل رجل "، وقد يكون هذا