قيل له: قد يجوّز له أن تكون الثلاث التي في الثلاثين هي الثلاث التي للمؤنث، وتكون الواو والنون لوقوعه على التذكير، فيكون قد جمع للثلاثين لفظ التأنيث والتذكير، فيكون على قياس العلة الأولى مطردا.
ويجوز أن يكون قد اكتفوا بالدلالة في: " العشرين " عن الدلالة في غيره من الثلاثين إلى التسعين؛ لأن العشرين أول، وهو يقع على المؤنث والمذكر، والثلاثين إلى التسعين تجري على مثل ما جرى عليه " العشرون "، فإذا وقع: "
العشرون " على المذكر والمؤنث كان الثلاثون مثله، واكتفوا بعلامة التأنيث في: " العشرين " عن علامته في: " الثلاثين ".
ودليل آخر في كسر العين من عشرين، وهو أنا رأيناهم قالوا في ثلاث عشرات:
" ثلاثون ". وفي أربع عشرات " أربعون " وكأنهم جعلوا ثلاثين عشر مرار ثلاثة، وأربعين عشر مرار أربعة، إلى التسعين، فاشتقوا من لفظ الآحاد ما يكون لعشر مرار ذلك العدد، فكان قياس العشرين من الثلاثين أن يقال: " اثنين " و " اثنون " بعشر مرار اثنين، إلا أنهم تجنبوا ذلك؛ لأن الاثنين لا يكون إلا مثنى، فلو قلنا: اثنون، كنا قد نزعنا " اثن " من الاثنين، فأدخلنا عليه الواو والنون، و " اثن " لا يستعمل إلا مع حروف التثنية، فبطل استعماله في موضع العشرين، فلما اضطروا لهذه العلة إلى استعمال العشرين كسروا أوله؛ لأن اثنين وثنتين مكسورا الأول، فكسروا أول العشرين لذلك، وأدخل الواو والنون، لأنه يقع على المذكر والمؤنث، وإذا اختلط المؤنث والمذكر في لفظ غلّب التذكير، وانفرد اللفظ به.
ودليل آخر؛ وهو أنهم يقولون في المؤنث: " إحدى عشرة، وتسع عشرة " فلما جاوزوها إلى العشرين، نقلوا كسرة الشين التي كانت للمؤنث إلى العين، كما يقولون في:
" كذب " " كذب " وفي: " كبد كبد " وجمعوا بالواو والنون، كما يفعلون في الأشياء المؤنثة المحذوفة منها الهاءات عوضا من المحذوف، كقولهم في " سنة ": سنين وسنون، وفي " أرض " أرضون وأرضين وفي: " ثبة " ثبون وثبين، وهذا كثير جدّا، والجمع بالواو والنون له مزية على غيره من الجموع، فجعل عوضا من المحذوف.
واعلم أن " عشرين " ونحوها ربما جعل إعرابها في النون، وأكثر ما يجيء ذلك في الشعر، فإذا جعلوا إعرابها كذلك ألزمت الياء؛ لأنها أخف من الواو، كما فعلوا ذلك في " سنين " إذا جعلوا إعرابها في النون، قالوا: " أتت عليه سنين ".