يقول: " لدا ولد " وغير ذلك، فالذي نصب بها شبه النون الداخلة على " لد " بعد فقدها منه، بمنزلة النون الداخلة في " عشرين "، بعد نزعها منه في قولك: " عشرو زيد " و " عشرون درهما "؛ إذ كانت تسقط في حال، وتثبت في حال، وقال بعضهم: " لدن غدوة " فنصب بها " غدوة " خاصة، كأنه أدخل النون على " لد " في لغة من يسكّنها ثم فتح الدال؛ لالتقاء الساكنين كما قالوا: " اضربن زيدا "، ففتحوا الباء لالتقاء الساكنين.
قال سيبويه: (كأنه ألحق التنوين في لغة من قال " لد "، وذلك قولك: " من لدن غدوة " وقال بعضهم من لدن غدوة كأنه أسكن الدال ثم فتحها، كما قال: " اضربن زيدا "، ففتح الباء لما جاء بالنون الخفيفة، والجر في " غدوة " هو الوجه والقياس وتكون النون من نفس الكلمة بمنزلة من وعن).
قال أبو سعيد: يعني أن النون في " لدن " بمثلة النون في " من " والدليل على ذلك أنه يخفض بها مع ما بعدها، مع ثبات النون، فعلمنا أن النون من صيغتها، وقد مرّ الكلام في هذا الفصل.
قال سيبويه: " وقد يشذّ الشيء من كلامهم عن نظائره ويستخفون الشيء في موضع لا يستخفونه في غيره ".
يعني في شذوذ " غدوة " مع " لدن ".
ومن ذلك قولهم: ما شعرت به شعرة وليت شعري.
قال أبو سعيد رحمه الله: يعني أن مصدر " شعرت " إنما هو " شعرة " في أكثر المواضع بإثبات الهاء، وهي مع " ليت " بحذفها؛ إذ قالوا: " ليت شعري " لما كثر استعمالها طرحوا الهاء منها.
ومثل ذلك تقول: امرأة عذراء بيّنة العذرة، كما تقول: حمراء بينة الحمرة، ويقولون لمن افتضها: هو أبو عذرها، يريدون أبو عذرتها، أي صاحب عذرتها، وجرى ذلك مثلا لكل من يستخرج شيئا أن يقال له: أبو عذرها، والأصل فيه: " عذرة المرأة " واستخفوا بطرح الهاء حين جرى في كلامهم مثلا، وكثر استعمالهم له.
قال سيبويه: (وتقول العمر والعمر، ولا يقولون في اليمين إلا بالفتح، يقولون كلّهم: " لعمرك " وسترى أشباه هذا في كلامهم إن شاء الله تعالى).
قال أبو سعيد: وإنما قالوا في اليمين بالفتح حين كثر الحلف، فاختاروا أخفّ