أحدهما: ما قاله: " أبو العباس " أنه لم يذكر مصدرا غير متمكن، ولكنه قدم هذا لك ليعلمك أن كل مصدر غير متمكّن لا يتّسع فيه نحو: " سبحان "، لا يجوز أن تقول:
" جئتك زمن سبحانه "، كما تقول: جئتك زمن تسبيحه.
والجواب الثاني: أن يكون عنى صباح مساء؛ لأنه من لفظ المصادر، ألا ترى أنك تقول: " أصبحنا صباحا " كما تقول: تكلّمنا كلاما، فتضع الصباح موضع الإصباح، كما وضعت الكلام موضع التكليم. فيجوز على هذا أن يكون عنى صباحا.
قال سيبويه: " ومما يختار أن يكون ظرفا، ويقبح أن يكون غير ظرف صفة الأحيان، كقولك: سير عليه طويلا، وسير عليه حديثا، وسير عليه كثيرا، وسير عليه قليلا، وسير عليه قديما ".
يريد أنك إذا جئت بالنعت، ولم تجئ بالمنعوت ضعف، وكان الاختيار ألا يستعمل إلا ظرفا؛ لأنك إذا قلت: " سير عليه طويلا "، والطويل يقع على كل شيء طال، من زمان وغيره، فإذا أردت به الزمان فكأنك استعملت غير لفظ الزمان، فصار بمنزلة قولك:
" ذات مرة " و " بعيدات بين ".
قال: وإنما نصبت صفة الأحيان على الظرف، ولم يجز الرفع؛ لأن الصفة لا تقع مواقع الأسماء، كما أنه لا يكون إلا حالا في قوله: " ألا ماء ولو باردا "؛ لأنه لو قال: " أتاني بارد " لكان قبيحا، ولو قال: آتيك بجيد، لكان قبيحا، حتى تقول: بدرهم جيد، وتقول: أتيتك به جيدا.
يعني لما لم تقو الصفة إلا بتقدّم الموصوف جعلوه حالا في قولك: " ولو باردا " أو " أتيتك به جيدا "، وكذلك الصفة لا تجوز إلا ظرفا، وفي قولك: " سير عليه طويلا "، أو تجري على اسم، فتقول: " سير عليه دهر طويل ".
قال: وقد يحسن أن تقول: " سير عليه قريب " لأنك تقول: أتيته مذ قريب، والنصب عربي جيد.
وإنما جاز: " مني قريب " لأنه قد تمكن حتى صار يعنى به الرجل، فتقول: " زيد مني قريب " فتجعله هو القريب، وتقول: " زيد منّي قريبا "، أي في موضع قريب.
وربما جرت الصفة في كلامهم مجرى الاسم ".
حتى تغني عن الموصوف، كقولهم: " الأبرق والأبطح " وإنما يراد به: المكان