وجه لطيف.
قال: " وكذلك إن أردت هذا المعنى ولم تذكر الصفة، تقول: " سير عليه سير " و " ضرب به ضرب " كأنك قلت: " سير عليه ضرب من السير "، أو سير عليه شيء من السير، وكذلك جميع المصادر ترتفع على أفعالها إذا لم يشغل الفعل بغيرها ".
يعني يجوز أن ترفع المصدر وإن لم تصفه، فتقول: " ضرب به ضرب ".
وقوله: " إن أردت هذا المعنى "
يجوز أن يعني إن أردت معنى الصفة، وإن لم يذكرها، ويجوز أن يعني: إن أردت هذا المعنى من إقامته مقام الفاعل، وصياغة الفعل له.
قال: وتقول: " سير عليه أيّما سير سيرا شديدا "، كأنك قلت: سير عليه بعيرك سيرا شديدا، وسير عليه سيرتان أيّما سير ".
يعني أنك إذا ذكرت مصدرين للفعل جاز أن تقيم أحدهما مقام الفاعل، وتنصب الآخر، وإنما يذكر المصدران والأكثر في الفعل، إذا كانت في كل واحد منهما فائدة، لأن قولك: " سير عليه سيرتان أيّما سير "، في " سيرتين " فائدة العدد، وفي: " أيّما سير " فائدة المبالغة، وما يحمد من السير.
ويجوز أن تقول: " سير عليه سيرتان أيّما سير سيرا شديدا " إذا رفعت واحدا ونصبت الثاني.
قال: " وتقول على قول السائل: " كم ضربة ضرب به " وليس في هذا إضمار شيء سوى " كم "، والمفعول: " كم "، فتقول: ضرب به ضربتان ".
تقدير هذا الكلام كم ضربة ضرب بالسوط؟ والهاء كناية عنه، أو عن غيره ممّا يضرب به.
والكلام مجاز لا حقيقة، وذلك أنه جعل: " كم " لمقدار الضرب، وجعل ضميره في " ضرب " مرفوعا بضرب، مقاما مقام الفاعل، فكأنه قال: " أعشرون ضربة ضرب بالسوط؟ " فجعل الضرب مضروبا، والضرب لا يضرب، وإنما يضرب المضروب، كما قال: " نهارك صائم " والنهار لا يصوم.
ولا يجوز البتة: " متى سير به؟ " و " أين جلس به؟ " على أن يكون في: " سير " لم يسمّ فاعله راجع إلى: " متى " و " أين "، وإنما يجوز هذا في: " كم "؛ لأنه يخبر عنه، ويكون في