وربما استوحش من هذا بعض النحويين البصريين ممن لا يفهم، فيقول: إذا قلنا: " قام زيد قائما "، وأنت تعني في حال قيامه، قيل له: إنما يذكر هذا تأكيدا، وإن كان الأول قد دل عليه، كما يذكر المصدر بعد الفعل تأكيدا، كما تقول: " ضربت زيدا ضربا " وإن كان الأول يدل عليه، وقد قال الله عز وجل: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا (1)، فقد يجوز أن يكون على الحال، ويجوز أن يكون على المصدر، بمعنى رسالة، وإن الأول قد دل عليه.
وقوله: " ذهب به مشيا " في معنى " ماشيا " على الحال، كما تقول: " جاء زيد عدلا "، أي: " عادلا " فإن وصفت المصدر لم يتغير النصب، وجاز أن يكون على المصدر، وعلى الحال، كقولك: " سير به سيرا عنيفا ".
قال: " وإن شئت نصبته على إضمار فعل آخر " ويكون بدلا من اللفظ بالفعل، تقول: سير عليه سيرا، وضرب به ضربا، كأنك قلت بعد ما قلت: سير عليه يسيرون سيرا، ويضربون ضربا.
ودل المصدر على الفعل لأن المصدر يكون بدلا من اللفظ بالفعل.
وجرى على قوله: " إنما أنت سيرا "، سيرا.
يريد: تسير سيرا.
وعلى قوله: " الحذر الحذر ".
يريد: احذر الحذر.
قال: (وإن قلت على هذا الحد: " سير عليه السير " جاز أن تدخل الألف واللام؛ لأن المصدر لا يمتنع من ذلك وإن وصفت أو أضفت لم يتغير نصبه على المصدر، كقولك: سير عليه سير البريد، ولا يجوز أن تدخل الألف واللام في السير، إذا كان حالا، كما لم يجز أن تقول: ذهب به المشي العنيف).
يعني أن المصدر إذا كان في معنى الحال، فالقياس يمنع من دخول الألف واللام عليه، كما لا تدخل الألف واللام على الحال، لا تقول: " مررت بزيد القائم " على الحال.
ثم أنشد سيبويه: