أبوك "، لما احتجت إليه من المعاني، وسنذكر ذلك في باب التسوية).
يعني دخلت " علمت " على " أزيد ثمّ أم عمرو " لما احتجت إليه من تبيين علمك بذلك، وكذلك " ظننت أزيد في الدار أم عمرو " وأدخلت الظن لتبين أنك لست تقبله علما، وسنذكر معنى التسوية إذا انتهينا إلى بابها إن شاء الله.
قال: " ومن ذلك: " قد علمت لعبد الله خير منك "، فهذه اللام تمنع العمل. كما تمنع ألف الاستفهام ".
يعني تمنع " علمت " من العمل فيما بعدها، كما منعته ألف الاستفهام؛ لأنهما يقعان صدرا.
قال: " وإنما دخلت " علمت " لتؤكد بها ".
يعني أن الأصل: لعبد الله خير منك، غير أنك لو تكلمت بهذا جاز أن يكون على سبيل التظنّي منك، أو خبّرك به مخبر، فأردت أن تنفي ذلك، ولا تحيل على علم غيرك.
كما أنك إذا قلت: " قد علمت أزيد ثمّ أم عمرو " وأردت أن تخبر أنك قد علمت أيهما ثمّ، والأصل فيه " أزيد ثمّ أم عمرو " على طريق الاستفهام، ثم دخلت " علمت " للتبيين أنه قد استقر في علمك الكائن منهما.
قال سيبويه في عقب هذا: " وإن أردت تسوّي علم المخاطب فيهما كما استوى علمك في المسألة حين قلت: أزيد ثم أم عمرو ".
يعني أنك إذا قلت مستفهما: " أزيد ثمّ أم عمرو " فأنت لا تدري واحدا منهما بعينه، فعلمك بزيد كعلمك بعمرو.
فإذا قلت: قد علمت أزيد ثمّ أم عمرو " فقد دريت واحدا منهما بعينه، ولم تخبر المخاطب به فعلم المخاطب به كعلمه بعمرو، وقد أحللت المخاطب محلّك حين كنت مستفهما.
قال: ولو لم تستفهم ولم تدخل لام الابتداء لأعملت " علمت " كما تعمل:
" عرفت "، وذلك قولك: " قد عرفت زيدا خيرا منك "، كما قال الله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ (1)، وكما قال تعالى: لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ