وإن جعلت " علمت " في مذهب " عرفت " فقد مضى الكلام فيه.
وإنما نصبت المفعول الأول؛ لأنك جئت بألف الاستفهام بعد أن وقع الفعل عليه، وعمل فيه.
قال: (ويقوّي النصب قولهم: قد علمته أبو من هو وقد عرفتك أيّ رجل أنت)؛ لأن الهاء في: " علمته " والكاف في " عرفتك " لا يكونان إلا في موضع نصب.
وتقول: " قد دريت عبد الله أبو من هو ".
" فدريت " بمعنى " عرفت " في تعدّيه إلى واحد، وأكثر العرب لا يجعلون: " دريت " متعديا إلى بحرف جر، فيقولون: " ما دريت به "، كما يقال: " ما شعرت به ".
قال: " وإن شئت قلت: " قد علمت زيد أبو من هو "، كما تقول ذلك فيما لا يتعدى إلى مفعول، كقولك: " اذهب فانظر زيد أبو من هو ".
يعني أنه يجوز لك ألّا تعمل: " علمت " في " زيد "، للاستفهام الذي بعده؛ إذ كان هذا الاستفهام يجوز أن يقع على " زيد "، فتقول: " قد علمت أبو من زيد ". فلما جاز أن يتقدم زيدا الاستفهام، ولا يتغير المعنى، صار بمنزلة ما قد وقع
الاستفهام عليه، ومنع من أن يعمل فيه.
ثم شبه: " علمت زيد أبو من هو " بما لا يتعدى من الفعل، لما أبطل عملها، وهو قولك: " انظر زيد أبو من هو " وأنت لا تقول: " نظرت زيدا، إلا في معنى انتظرته.
وكذلك " اسأل: زيد أبو من هو " فالسؤال لم يقع بزيد فينصبه، وإنما المعنى اسأل الناس: زيد أبو من هو.
وحكم " انظر " و " اسأل " أن يتعدى بحرف جر في المعنى المقصود بهذا الكلام، كأنك قلت: انظر في كنية زيد، واسأل عن كنية زيد.
قال: " ومثل ذلك: " ليت شعري زيد أعندك هو أم عند عمرو ".
وفي بعض النسخ: " ليت شعري أزيد عندك "، فشعري منصوب بليت، وهو مصدر شعرت.
وقوله: " زيد عندك هو أم عند عمرو " جملة في موضع خبر: " شعري ".
فإن قال قائل: أين العائد من الخبر على الاسم، وهو جملة في موضع خبر: " شعري " فالجواب أن يقال: إن هذه الجملة محمولة على معناها، لا على لفظها؛ وذلك أن فعل الظّن