أحدهما: مجرور، وهو الكاف، ومعناه معنى المفعول، والآخر: مرفوع في النية فاعل، ويجوز أن تؤكدهما أو ما شئت منهما تقول: عليك نفسك زيدا، ويجوز أن تقول:
عليك نفسك أنت نفسك، على أن تجعل المجرور تأكيدا للكاف، والمرفوع تأكيدا لضمير الفاعل، ولا يجوز أن
تقول: عليك وأخيك فتعطف أخيك على الكاف؛ لأن المجرور الظاهر لا يعطف على المجرور المضمر، والاحتجاج لهذا في غير هذا الموضع.
قال: (ومن جعل رويدك مصدرا قال: رويدك نفسك).
يعني من قال: رويدا يا زيد كما تقول: ضربا يا زيد جاز أن تضيفه إلى الكاف كما قال عزّ وجلّ: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ (1). فأضاف ضرب الرقاب، وكذلك أضاف رويد إلى الكاف وجاز أن يؤكد الكاف لمجرور ويصير للمخاطب ضميران.
أحدهما: مجرور وهو الكاف.
والآخر: ضمير الفاعل في النية.
(وأما قول العرب: رويدك نفسك، فإنهم يجعلون النفس بمنزلة عبد الله، ويجعلون الكاف للخطاب لا موضع لها، وكأنهم قالوا: رويد نفسك على ما فسّرنا في رويد زيدا).
قال: (وأما حيّهلك، وهاءك وأخواتها فليس فيها إلا ما ذكرنا لأنّهنّ لم يجعلن مصادر).
يعني أن الكاف في هذه الأشياء لا موضع لها وإنما هي للخطاب.
أراد الفرق بين رويدك وبين حيّهلك؛ لأن رويدك قد تكون الكاف فيه مرّة للخطاب ومرّة في موضع جرّ، فإذا كان للخطاب فهو بمنزلة حيّهلك، وإذا كان في موضع جرّ فهو بمنزلة عليك وحذرك.
(واعلم أنك لا تقول: دوني، كما قلت: عليّ لأنه ليس كل فعل بمنزلة أولني قد تعدى إلى مفعولين، فإنما عليّ بمنزلة أولني ودونك بمنزلة خذ لا تقول: آخذني درهما ولا خذني درهما).